محمد حسنين هيكل : أحاديث ( تجربة حياة )

profile
  • clock 16 يونيو 2021, 1:30:55 ص
  • eye 902
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

 في سنة 1969 كنا وصلنا إلى أن مشروع الأهرام الجديد انتهى، تم، وأنا كان رأيي أن إحنا مش عايزين حد يفتحه مش لأنه حاجة لكن لأنه أنا تصورت عدة أسباب، أولا أنه إذا طلبت من جمال عبد الناصر أن يفتتحه فأنا بأعتقد أنني بهذا بأحط الجرنال في كنف السلطة وأنا بأحترم سلطة جمال عبد الناصر وهو بالنسبة لي يعني في تاريخ مصر الحديث هو بالنسبة لي شخصية لها اعتبارها ولها قدرها ولها قيمتها المتميزة في تاريخ مصر لكن أنا رؤيتي للصحافة تصوري لدور الجريدة أنا لست مستعدا أن أضع الجريدة في حماية أو كنف أحد، أضعها أنا عاوز حد يبقى صديقا لها وعاوز حد يبقى مهتما بها ما عنديش اعتراض بالعكس بأرحب لكن ببساطة كده مش حأخليه هو يفتح الجرنال لسبب أنه إذا فتح الجريدة فهذا معناه أنه في مظلة سلطة، ففتحنا، أنا تكلمت مع بعض إخوانا واتفقنا أن إحنا يوم اللي حنفتتح فيه الأهرام كلنا العمال والموظفون والمحررون والأدباء والكتاب حنتجمع قدام الأهرام وحتتفتح الأبواب وحندخل كلنا مع بعض سوا لأن هذا ما فعلناه وهذا ده الطبيعي أن إحنا للي نفتحه. قلت أيضا إن دعوة جمال عبد الناصر في هذه الظروف والحوارات محتدمة علشان يفتح الأهرام وحتى علشان يزوره حتعمل لنا مشكلة، يبدو قدام الطرف الآخر في المناقشة وفي الجدل -وكان مشتدا جدا في هذا الوقت- أن إحنا بنحاول يعني نستغل سلطة أو صداقة أو أي حاجة، لكن بدأت الجرائد في الخارج بتكتب عن الأهرام وبدأ زوار كثير بيجوا في الأهرام وبدأت الجرائد العربية بتهتم به وبدأنا إحنا نعزم بعض رؤساء الدول اللي بيزوروا مصر في ذلك الوقت لأنهم جايين عاوزين يقابلوا ناس محررين ولا عاوزين يقابلوني فإحنا بنوجه لهم دعوات بيتغدوا معنا وبيقعدوا معنا بعد الغداء في مناقشات مفتوحة وحرة، 

وإذا في يوم من الأيام في فبراير 1969 جمال عبد الناصر بيكلمني حوالي أواخر فبراير بيقول لي غريبة قوي كل الناس شافت الأهرام وأنا عمال أقرأ عنه وأقرأ حاجات كثير عنه وأنا الوحيد اللي ما شفتهوش، قلت له يا خبر أبيض! أنت يعني شرف لنا جميعا أنك أنت تجي، افتتاح الأهرام أنا الحقيقة فضلت قوي أن عماله يفتتحوه الناس اللي عملوه يفتتحوه لكن زيارتك إحنا.. بيتكتب فيما بعد حتى أخيرا أن الرئيس عبد الناصر افتتح الأهرام، الرئيس عبد الناصر لم يفتتح الأهرام ويشرفني باستمرار أي علاقة معه لكن هنا كان في ولاءات، في ولاءات المهنة لأنه أنا يوم ما جاء عبد الناصر الأهرام ليس موضوعا رئيسيا لم يكن موضوعا رئيسيا أولا لكن كان الموضوع الثاني في الصفحة في وسط الصفحة، الرئيس في زيارة الأهرام، ليس أكثر. وبعدين لم يذكر اسم حد كان في استقباله، أنه وصل الرئيس لمبنى الأهرام وفي استقباله رئيس تحرير الأهرام، دون اسم، وأعضاء مجلس إدارته بما فيهم توفيق الحكيم دون أسماء لأنه اعتبرنا أن هذا زائر هو أكبر من كل من زارونا في رأينا وفي اعتقادنا لكن زائر الأهرام في قواعد هنا في قضية مهمة جدا، إذا وضعنا أسماءنا في مقدمة ما نفعل باستمرار فقد ضيعنا فكرة المؤسسة، فكرة المؤسسة تقوم على أن العمل موجود وبما أن العمل ما هواش واحد ولا اثنين ولا ثلاثة العمل جماعي والعمل كبير قوي خصوصا في مؤسسة فالأفراد لا بد أن يشحب دورهم ولا بد أن يتقدم دور المؤسسة وبالتالي هنا جمال عبد الناصر كان بيزور الأهرام، الأهرام أهرام المعنى وأهرام الرمز وليس هيكل ولا توفيق الحكيم ولا نجيب محفوظ ولا أي حد أبدا، بيزور الأهرام الفكرة المعنى الرمز. 

في زيارة الأهرام هو جاب معه أنور السادات لوحده وهو عارف الإشكالات اللي كانت موجودة مع الاتحاد الاشتراكي فهو كان رقيقا جدا الحقيقة يعني، أنا كنت عايز كل الناس يجوا بالعكس أهلا وسهلا يعني لكن اللي حصل في الجدل الموجود وقتها هو جاء وجاب أنور السادات، أنا كنت بأقابله تحت ومعي توفيق الحكيم وعدد من نجوم الأهرام، لويس عوض، صلاح جاهين، وكل الناس مبسوطة أنه جاء يعني، دخل مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية وقعد وتكلم مع كل الناس، أدهشه أن يخش مركز الدراسات التاريخية ويقابل حسن باشا يوسف اللي هو كان رئيس الديوان وكان لسه رئيس الديوان في أوائل الثورة فبص كده واندهش أنه موجود وأنه في أسرة الأهرام، نجيب محفوظ بدأ يتكلم مع نجيب محفوظ على مش عارف "زقاق المدق"، قعد في مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية مع ناس وتناقش معهم مع مجموعة الأدباء اللي كانوا بيسموها مجموعة الدور السادس، قعد وبدؤوا يناكفونه، بدأ حسين فوزي الدكتور حسين فوزي بيقول له سيادة الرئيس اتجاه مصر باستمرار عبر البحر شمالا، وده رأي حسين فوزي، عبر البحر شمالا إلى أوروبا، وبعدين توفيق الحكيم يظهر غمز حسين فوزي -قال لي بعدها فيما بعد- فحسين فوزي كمل قال له سيادة الرئيس الاتجاه شمالا باستمرار لكن شمال شرق أو شمال غرب تقرره القيادة لكن، وضحكنا كلنا، قعد يوسف إدريس مش عارف بيكلمه في إيه، بنت الشاطئ بتكلمه في إيه، راح مركز الدراسات العسكرية لقى اللواء البدري، لقى.. في كل حتة لقى الشيوخ والشباب الموجودين ودخل في مناقشات هو كان مستمتعا، قعد خمس ساعات، أنا كنت.. خلاص بقى قربنا على الليل يعني،

 الأستاذ أحمد بهجت كان وقتها هو مسؤولا أنه حيغطي الزيارة لأن أخبار الزيارة حتبقى موجودة في الجرنال وجمال عبد الناصر خارج من الجرنال حندي له العدد الذي فيه زيارته، طلعنا في كل حتة في الإدارة مثلا في الكمبيوتر، كانت وقتها العقول الإلكترونية كانت جديدة قوي وقتها وكان جهاز العقل الإلكتروني في الأهرام كان واخد دورا بحاله تقريبا، وأنا استمرارا للمناقشة اللي كانت موجودة، هو بيشوف الكمبيوتر وهو كان مهتما يشوفه وبيشرح له مين؟ محمد نصير اللي هو كان معنا كان مهندسا وبعدها بقى واحد من أكبر رجال الأعمال -الله يرحمه- وبيتكلم بيحكي له عقيل بشير اللي هو لغاية النهاردة كان هو مساعد محمد نصير وهو لغاية النهارده مسؤول من أهم المسؤولين في الاتصالات لكن كل مصر كانت موجودة في هذا الوقت، جبهة معينة يعني حاجة.. لكن أنا في الكمبيوتر بأقول له إيه؟ هو محمد نصير بيشرح له بيشتغل إزاي وإلى آخره لكن أنا تطوعت استمرارا للجدل الدائر بأقول له إيه؟ بأقول له يا أفندم العقل الإلكتروني عامل لنا مشكلة جدا في الأفراد لأنه لما جئنا نشغله جاء لي المدير العام الدكتور فؤاد إبراهيم وقال لي إن تشغيل هذا العقل في مجال الحسابات سوف يدعو إلى الاستغناء عن 270 موظفا في إدارة الحسابات، حنعمل فيهم إيه؟ وكان دورنا فيها، فأنا كنت بأقول له إنه هنا أنا أعتقد أن اللي أنا كنت بأتكلم فيه التكنولوجيا حتعمل تأثيرا على الأيديولوجيا وبأقول له إن هنا الفكرة الشيوعية الفكرة الأساسية في الشيوعية وهي فكرة فائض القيمة عندنا مشكلة فيها لأن هنا ده في تكنولوجيا، فهو بص لي قال لي حتكمل المناقشة اللي بتعملوها بره هناك يعني؟

 طيب لكن قعدنا يوما بحاله بنتكلم في هذا المناخ كله وفي هذا الجو.. أنا بحقيقي بجد يعني كل ما أستعيد وقائع هذا اليوم وأتصور الرجل ده كان سعيدا إلى أي مدى. نزلنا بعدها في مكتبي، الرئيس عبد الناصر، معنا السيد أنور السادات في وقتها رئيس الجمهورية فيما بعد طبعا وقعدنا في مكتبي، بدا ملامح مما كان يدور حول ما يجري النقد اللي بيقال للأهرام، الرئيس بيقول لي إيه؟ بيقول لي أنا فهمت دلوقت، هو شاف مجموعة مقتنيات الأهرام لأنه في وقتها أنا كنت معتقدا وكان غيري بيشاركني هذا الاعتقاد خصوصا توفيق الحكيم وكثير قوي أن الأهرام الجديد اللي بنبنيه لا بد أن يكون ملائما لزمن قادم كمان أيضا وأنه لا بد أن يكون فيه صورة مصر المعاصرة موجودة فيه ففيه مقتنيات فنية في كل مكان وبعض إخوانا في الاتحاد الاشتراكي يعني اعتبروا أن هذا كله إسراف، يعني أنا لما أشوف النهارده مجموعة الأهرام الفنية مقتنياته بأحس بسعادة أن إحنا عملنا حاجة لها قيمة.

 في مكتبي بقى الرئيس دخل وقعد في الصالون في مكتبي بعدين بيبص على لوحة من لوحات الحرانية نسيج الحرانية وهي بديعة كانت وبعدين بيقول لي أنا دلوقت فهمت اللي كنت بأقرأه في التقارير، بيقولوا إنكم عملتم إسرافا شديدا جدا وعملتم حاجات لا لزوم لها وكماليات إيه وحاجات رأسمالية جدا يعني، وأنا -هو بيقول- أنا قلت لهم هل طلبوا فلوسا من الاتحاد الاشتراكي أو طلبوا فلوسا من الدولة؟ قالوا لا، يعني هم مولوا كل اللي بيعملوه حتى لو لم تكونوا راضون عنه من مواردهم؟ آه طبعا، قال لهم خلاص يعملوا اللي هم عاوزين يعملوه، فبيقول لي النهارده وأنا بأشوف بقيت فاهم اللي كنت بأقرأه في التقارير، وبعدين قام في مكتبي وحصلت حاجة ظريفة قوي، راح ناحية كرسي مكتبي وقعد عليه وقال لي إيه؟ تعرف بقى، حأقول لك حاجة بقى بصراحة يعني، بعد الحرب إن شاء الله أنا طالع من السلطة وطالع من الدولة يعني ولو كان لي أن أختار مقعدا أقعد عليه فأنا عايز أحذرك من دلوقت، هذا -على مقعدي- هذا هو المقعد اللي أنا مستعد أقعد عليه لما يجي الوقت علشان أسيب رئاسة الدولة، وأنا قلت له أهلا وسهلا من دلوقت تعال أهلا وسهلا من دلوقت، لكن المعركة طبعا كانت واخدة كل حد لكن يعني لا هو أتيح له أن يجلس على هذا المقعد وحتى هذا المقعد بعد كده يعني أخذته الظروف لأنه من الحاجات اللي عملها الرئيس أنور السادات فيما بعد يعني وفي ظروف مختلفة يعني ألغى قانون الصحافة العربية المتحدة وانتقلت الصحافة مرة أخرى من فكرة التنظيم إلى فكرة التأميم وبقى في وضع قلق لكن هذا ليس موضوعي في هذه اللحظة لكن موضوعي في هذه اللحظة هو هذا العام عام القلق اللي كانت في نار على الجبهة في ميدان القتال وفي نار في العمق وفي لهب في العلاقات الدولية وفي سخونة جدا في جدل ضمن عام سميناه -وأظن التسمية دقيقة- عام القلق.

مع هيكل تجربة حياة

طريق أكتوبر وعام القلق

5/4/2010

التعليقات (0)