مراقبون لموقع 180 تحقيقات: تركيا نجحت في استثمار دورها الإقليمي في ظل المتغيرات الدولية الراهنة

profile
  • clock 22 يوليو 2022, 2:23:54 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

خاص 180 تحقيقات

نجحت تركيا في التربع على عرش السياسة في المنطقة، فهي تُعد حليفًا إستراتيجيًا ومهمًا، لا يُمكن تجاهل دوره الكبير في وضع الحلول الحازمة لكثير من القضايا التي تعصف بالدول المجاورة، فيومًا ما نجحت الوساطة التركية البرازيلية في التوصل إلى اتفاق مبدئي لتبادل الوقود النووي الإيراني على الأراضي التركية.

وتعتمد تركيا وفق مراقبين ومختصين، سياسة القوة الناعمة التي تتبناها في إطار إستراتيجياتها في السياسة الخارجية، والتي أفضت إلى تصفير مشاكلها مع دول الجوار، وخصوصاً سعيها إلى إنهاء صراعها التاريخي مع أرمينيا، ونجاحها في عقد اتفاق معها، يعيد فتح الحدود والعلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

وتُواصل تركيا مساعيها المكثفة لنسج شبكة من العلاقات والنفوذ في دول المشرق العربي، وإلى التوقيع على اتفاقيات اقتصادية وسياسية مهمة معها، وصل إلى حَـدّ استضافة إسطنبول لأول قمة تركية أفريقية، حضرها 53 من رؤساء الدول والحكومات الأفارقة، وكان الهدف منها كان تعزيز الشراكة التركية الأفريقية في عِدة المجالات.



استثمار الدور الاقليمي
يقول طه عودة أوغلو الباحث في الشأن التركي والعلاقات الدولية، إن "تركيا نجحت في الفترة الأخيرة في استثمار دورها الإقليمي المتنامي في الحصول على مكانة تتيح لها لعب دور فعال في إدارتها للأزمات حولها بداية من  الدور الكبير الذي لعبته بعد الانسحاب الأمريكي في أفغانستان أغسطس الماضي وأيضا دور الوساطة الذي لعبته في الأزمة بين روسيا وأوكرانيا".

وأضاف في حديثٍ لموقع 180 تحقيقات، "ساهمت تلك المواقف في تعزيز قدرات تركيا العسكرية في تصنيع المسيرات القتالية التي لعبت هي الأخرى دورًا في تغيير موازين القوى على الأرض في حرب قاره باغ بين أذربيجان وأرمينيا إضافة إلى إنتاج الذخيرة والتي ساهمت في وضع تركيا في مصاف الدول المنتجة بدلًا من المستهلكة".

وأشار إلى أن تركيا تطمح حاليًا في ظل امتلاكها الأوراق القوية بعد النجاحات التي حققتها في أزمة الحبوب بين روسيا وأوكرانيا وتجنيب العالم من أزمة غذائية عالمية، لأن يكون لها دور أكبر في تعزيز الأمن الدولي والإقليمي نظرًا لما تتمتع به من موقع جيو سياسي مهم للغاية بالإضافة إلى ترتيب البيت الداخلي استعدادا للانتخابات الرئاسية الحاسمة العام المقبل وسد الطريق أمام المعارضة التي تحاول سحب البساط من تحت أقدام الحزب الحاكم.

ويُشير عماد أبو الروس مختص في الشأن التركي، إلى أن "تركيا سعت مع وصول الرئيس الأمريكي جو  بايدن إلى المنطقة لملء الفراغ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام ورأت أن هذه فرصة في ظل الانشغال الأمريكي مع روسيا والصين فعمدت على تصفير المشاكل مع بعض الدول مثل الإمارات والسعودية ومصر والاحتلال الإسرائيلي وبذات الوقت حاولت تسويق سياسة خارجية قائمة على التوازن".

وأكد في حديثٍ لموقع 180 تحقيقات، أن تركيا لا تُحبذ عودة الولايات المتحدة إلى المنطقة من جديد كما كان سابقًا مما سُيؤثر على حراكها ولذلك تسعى لخلق توازن من خلال التقارب مع روسيا وإيران واستغلال حاجتهما وبذات الوقت الحفاظ على علاقة مع واشنطن وكأنها تريد ايصال رسالة إلى الغرب أنها مفتاح السلام في المنطقة، وبذات الوقت الإيحاء للدول الإقليمية عدم الانسياق خلف الرغبة الأمريكية وايقاعها في صراع مع روسيا بالتحديد بسبب احتياجات الولايات المتحدة".

الوزن الأكبر في المنطقة

ولفت إلى أن "المنطقة تمر بتغيرات جيوسياسية حساسة وتريد تركيا ان يكون لها الوزن الأكبر في المنطقة من خلال سياسة التوازن ولعل زيارة إردوغان لطهران وعقد قمة ثلاثية تأتي في هذا الإطار".

وأوضح، أن "العلاقات التركية الإيرانية مرت في فترة حساسة يغلب عليها التوتر بالآونة الأخيرة والزيارة التركية لطهران هي رسالة لإيران والغرب بذات الوقت انها مستعدة لتكون محور الطاولة في الفترة المقبلة".

وضرب مثلًا حول الممر التجاري بين تركيا والإمارات، الذي يمر عبر إيران حيث سعت تركيا لتحقيق التوافق بشأنه ضد الحراك الأمريكي الأخير المتمثل في تشكيل محور ممانعة ضد طهران".

كما أن تركيا تريد بذات الوقت ايصال رسالة للجميع، على أنها قادرة مع إيران على حل الإشكاليات المعقدة في العراق وهناك حراك تركي ملموس بهذا الاتجاه، مؤكدًا أن التوافق بين أنقرة طهران سيصب بمصلحة الأطراف العراقية.

أما على صعيد التصعيد الإيراني الإسرائيلي فتبدي تركيا استعدادها لتخفيف حِدة التوتر وإن تمكنت من ذلك فستعي الولايات المتحدة بأنه لا مجال من التحرك بعيدا عن تركيا.

مواجهة السياسة الأمريكية في سوريا
من ناحيته يقول محمد زاهد جول رئيس تحرير الاندبندنت التركية، إن "أهمية قمة طهران تأتي من حيث تزامنها مع قمة جدة، التي كانت قبلها بأيام وبحضور تسع دول عربية مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، وإن لم يكن بين القمتين توافق ولا تعارض مباشر، فقمة طهران تأتي في سياق قمم أستانة التي دعت إليها تركيا وروسيا أولاً عام 2017، ثم ضمت إليها طهران لبحث مستقبل سوريا ووقف اطلاق النار فيها وتنسيق المواقف حول التنظيمات والفصائل المقاتلة فيها، وجاء البيان الختامي لقمة طهران ليؤكد على وحدة الأراضي السورية وسيادتها ومنع التنظيمات الارهابية العسكرية فيها، مع اختلاف على تحديد هوية هذه الفصائل والموقف منها".

وأشار "جول" في تصريحاتٍ لموقع 180 تحقيقات، إلى أن القضية الأساسية المشتركة بين أعضاء قمة طهران هي مواجهة السياسة الأمريكية في سوريا، حيث تريد تركيا موافقة وتنسيقًا مع روسيا وطهران للقيام بعملية عسكرية خاصة شمال سوريا للقضاء على التنظيمات الانفصالية المدعومة من أمريكا، والتي تحمل الهوية الكردية".

ورأى أن تركيا تُدرك أن التنظيمات الارهابية تُهدد الأمن القومي التركي، فضلا عما تريده تركيا من زيادة تعاونها الاقتصادي وتأمين نفسها بالغاز الإيراني والروسي في ظل الأزمة العالمية في الطاقة والغذاء، فضلا عن رغبة أنقرة لعب دور دبلوماسي لحل الأزمة الأوكرانية، فكان اللقاء الأول بين بوتين وأردوغان منذ اندلاع الحرب الأوكرانية.

وأوضح، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يُريد من القمة إثبات عدم تأثر روسيا بالعقوبات الغربية، وأنه فعّال على الساحة الدولية وأن له علاقات قوية مع إيران وتركيا فضلا عن الصين وغيرها، أما إيران فهي في وضع تُـحسد عليه حيث كانت الدولة الوحيدة من هذه الأطراف التي تم توجيه الرسائل إليها في قمة جدة لتغيير سياستها العدوانية في المنطقة، وحثها على التوصل إلى اتفاق نووي سلمي مع المجتمع الدولي ومنظمة الطاقة الذرية".

وأردف، "قمة طهران وإن جاءت وفق تفاهمات سابقة، ولكنها جاءت في توقيت حرج لكل المشاركين فيها، وكل مشارك فيها يأمل الخروج بأوسع المكاسب، وهو الأمر الذي لم يكن مضمونا كما هو الحال في قمة جدة، فأردوغان لم يأخذ موافقة صريحة على عملية عسكرية لإقامة منطقة آمنة بعمق 32 كم، وإن كسب التنديد بالتنظيمات الارهابية الانفصالية دون تحديد اسمها".  
جدير بالذكر أن تركيا تعتزم إطلاق عملية عسكرية واسعة في الأراضي السورية لمواجهة التنظيمات المتطرفة المتمثلة في "حزب العمال الكردستاني" الارهابي، إلى جانب استهداف "وحدات حماية الشعب" المُتحالفة مع "الحزب" والمَدعومة مِن قِبل الولايات المتحدة والتحالف الغربي، والتي تستهدف سيادة تركيا وأمنها الاقتصادي.

التعليقات (0)