مفاجأة 7 أكـتـوبر: لا بديل عن العنصر البشري

profile
  • clock 1 مارس 2024, 2:22:41 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

بقلم: زلمان شوفال

كيف يمكن تفسير الفشل الاستخباري الذريع بالنسبة للمذبحة في 7 أكتوبر؟

عشية هجوم "حماس"، التقى في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل كل من رئيس الأركان ورئيس "الشاباك" ورئيس قسم العمليات في الجيش الإسرائيلي وقائد من أجل التشاور في أعقاب الحصول على إشارات مقلقة في سلوك "حماس".

في الساعة الرابعة فجرا، كان هناك تشاور آخر في نفس المنتدى بسبب ازدياد الإشارات المقلقة. لكن تقرر أن احتمالية تنفيذ عملية خطيرة هي متدنية ولا تحتاج إلى اتخاذ خطوات عسكرية فورية، أو إبلاغ رئيس الحكومة ووزير الدفاع.

خلافا للمفهوم المعروف من حرب يوم الغفران، الذي كان معناه الانغلاق في رؤيا مفادها أنه من غير المعقول أن مصر وسورية يمكن أن تشن حربا بشكل منفرد، في هذه المرة الحديث يدور عن الكسل الفكري، الذي في ظله لم يتم فهم مزاج "حماس" ودافعها، خداع الذات، الذي كان مريحا للجميع: السياسيين وجهاز الأمن ووسائل الإعلام والجمهور الواسع.

وقد أيد ذلك كل من أريئيل شارون وايهود أولمرت نفتالي بينيت ويائير لابيد وبني غانتس وأفيف كوخافي، وأيضا بنيامين نتنياهو.

جوهر هذا "المفهوم" في هذه المرة كان الافتراض بأنه يمكن تقييد عدوان "حماس" الإرهابي من خلال تحسين الوضع الاقتصادي في غزة ورفع مستوى حياة السكان هناك، بما في ذلك ضخ الدولارات القطرية.

في الواقع، لم تكن هناك أي أوهام بخصوص طبيعة "حماس"، التي تهدف إلى القضاء على إسرائيل، لكن الأغلبية في إسرائيل اعتقدت أنه بواسطة الدمج بين الإغراء المالي والتهديد العسكري يمكن تهدئة "حماس".

هذا في حين أن "حماس" انشغلت في الاستعداد للهجوم. نتنياهو لم يكن أبو المفهوم، لكن مثل الجميع هو وافق على معظم مركباته.

كثير من سهام الاتهام بخصوص 7 أكتوبر موجهة لنتنياهو، بعضها لأسباب سياسية، وأيضا لأنه على خلفية إنجازاته المهمة في مجال السياسة والأمن في السابق، فقد توقعوا منه أكثر مما توقعوا من الآخرين.

فشل نتنياهو يتلخص في حقيقة أنه رغم فهمه ورؤيته الاستراتيجية، إلا أنه انجر بسرعة إلى الصراع غير المتزن والمثير للخلاف حول الإصلاح القانوني بدلا من تكريس جل اهتمامه للتهديدات الأمنية الآخذة في الاقتراب.

بالطبع، حقيقة وجوده على قمة الهرم تعمل ضده، وبالتأكيد في نظر الجمهور. المشكلة هي أنه بعد أن ترضى الأصوات التي تطلب رأسه فإن التحقيق في أسباب الفشل الأخرى سيتوقف.

إن الاستخبارات الناجعة يجب أن تستعد أيضا لأحداث هي على قناعة بأنها لن تحدث. الصفة الإنسانية السائدة في أوساط السياسيين، وأحيانا في أوساط رجال المخابرات، هي التعامل مع الوضع القائم كحقيقة طبيعية وحتى مرغوب فيها، دون التعمق في العوامل والدوافع الاقتصادية والديمغرافية والجغرافية والاجتماعية وما شابه، التي أدت إليه (أيضا ليس بطرق تغييره) – هي من الأسباب الشائعة أكثر للاستنتاجات الخاطئة.

على الأغلب يكون هناك ميل في الاستخبارات إلى الموافقة على تقييمات رؤسائهم بشكل تلقائي، هذا خطر كبير بشكل خاص عندما لا يكون للرتب العليا أي اهتمام بالإصغاء إلى آراء مختلفة أو استثنائية، والميل إلى الغطرسة والاستهزاء من العدو والاستخفاف به.

مثال واضح على ذلك يمكن إيجاده في تصريحات وزير الدفاع في حكومة التغيير، بني غانتس، بحضور رئيس الأركان في حينه أفيف كوخافي ورؤساء أجهزة الأمن، العائق الأمني على طول الحدود مع غزة، إضافة إلى الجدار، يعطينا الأمن المحكم، وهو ما غير الواقع الأمني في الجنوب إلى الأبد لصالح إسرائيل.

وهو الواقع الذي سيؤدي إلى الازدهار الاقتصادي والاجتماعي في بلدات الغلاف، في حين كان قادة "حماس" ينشغلون ببناء القوة وتحسين خططهم الهجومية.

يصعب التوصل إلى استنتاج بأنه يوجد خلل أساسي، تنظيمي وفكري، في الاستخبارات العسكرية ويبدو أيضا في "الموساد" و"الشاباك"، الذي لا يسمح بإجراء مواجهة بين المعلومات والتقديرات.

بعد أي فشل استخباري يتم طرح اقتراحات حول كيفية منع تكرار ذلك. هناك من يقترحون إجراء تغييرات أساسية توسع وتنوع القنوات التي تصعد فيها المعلومات إلى أعلى، إلى كبار قادة الجيش والحكومة، أي إشراك الهيئات القيادية في الاستخبارات في جميع القطاعات في الصياغة النهائية للاستنتاجات والتوصيات.

المحامي آفي كالو، رجل استخبارات رفيع سابق، قال، إنه يجب التعلم من الولايات المتحدة، حيث هناك عمليات 11 سبتمبر والمفاجأة الاستراتيجية الكبيرة للمخابرات كانت الأساس "للتغيير الجوهري" في بنية جهاز المخابرات، افتراض أساسي لإصلاح واسع في الاستخبارات وتشكيل وكالة الاستخبارات القومية "دي.ان.آي".

وهو يوصي بإجراء نفس الشيء في إسرائيل، الذي أحد استنتاجاته هو استبدال الاستخبارات العسكرية "أمان" باعتبارها المقيّم الوطني بالـ"دي.ان.آي" إسرائيلي (وكالة المخابرات الوطنية).

أيضا يديديا يعاري، القائد السابق لسلاح البحرية والمدير العام لرفائيل، يعتبر التغيير التنظيمي الرافعة لتعزيز الردع. وقد اقترح "وضع جسم رقابة علوي، مدني، محايد وواسع فوق الاستخبارات العسكرية. هذا الجسم يجب أن يأخذ من "أمان" المسؤولية عن التحذير، حيث سيطلب من الإطار الجديد الموجود فوقهم ("أمان" و"الموساد" و"الشاباك") "تقدير الاستعداد". وحسب الموضوع سيقرر هل وإذا ومتى يجب عليه التحذير".

هما يعتبران الولايات المتحدة نموذجا للتقليد. لكنهما ليس فقط يتجاهلان الفروقات الأساسية بين التحدي المخابراتي لها (هجوم مفاجئ من كندا أو المكسيك هو أمر غير متوقع) وبين الواقع الاستخباري في إسرائيل.

ولا يوجد أيضا دليل على أن إعادة التنظم الجديد في أمريكا حسنت بشكل كبير عمل المخابرات، وبشكل خاص الاستعدادات الاستراتيجية، ليس بخصوص أفغانستان أو الصين أو روسيا، ولا حتى بخصوص الشرق الأوسط وإيران.

يبدو أنه أيضا الآن الدور الرئيس للمخابرات الأمريكية تلعبه الـ"سي.آي.ايه"، من هنا يمكننا التعلم بأن مركزية "أمان" لن تتغير أيضا.

إضافة إلى ذلك فإن إقامة جسم أعلى جديد يمكن أن يخلق تعقيدا بيروقراطيا، ويضع المزيد من العوائق أمام نقل المعلومات الحيوية لرئيس الوزراء ومجلس الوزراء.

يعاري وكالو يتجاهلان وجود مجلس الأمن القومي الذي يوجد إلى جانب رئيس الحكومة، رغم أن نظيره في الولايات المتحدة، مجلس الأمن القومي، يلعب دورا مركزيا لأن هذا المجلس هو سياسي ومنحاز في تعريفه، حتى لو كانت بنية مجلس الأمن القومي ودوره بحاجة إلى التجديد والتحديث، يجب عدم إلغاء أهميته، بالذات لأنه يعكس رأي رئيس الحكومة (في الولايات المتحدة رأي الرئيس) كما هو متوقع في النظام الديمقراطي.

مجلس الأمن القومي لدينا أيضا يمكن أن يكون العامل الذي سيعرض على رئيس الحكومة المعلومات الاستخبارية الخام مع البحث والاستنتاجات التي توصلت إليها الجهات الاستخبارية المنفصلة.

محظور نسيان أنه لا توجد أي بنية تنظيمية أو جهازية أو تكنولوجيا تضمن منع المفاجأة. المفاجأة في 7 أكتوبر مثل سابقتها في حرب يوم الغفران تعلمنا مرة أخرى بأنه لا يوجد أي بديل للعنصر البشري، التقدير والتواضع المهني.

 

المصادر

هآرتس

التعليقات (0)