ممدوح الولي يكتب: تجارة محدودة بين السويد والدول العربية

profile
  • clock 2 يوليو 2023, 6:44:03 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

دعا شيخ الأزهر إلى تجديد مقاطعة المنتجات السويدية بعد تكرار حرق المصحف في السويد للمرة الثالثة، وبحماية من الشرطة مع توجيه إساءات إلى الرسول عليه السلام، ومع تنديد غالبية الدول العربية وبعض الدول الأجنبية ومنظمات دولية وإقليمية بحادث حرق المصحف الشريف، يتطلب الأمر التعرف على الاقتصاد السويدي حتى يمكن إنجاح حملة المقاطعة، التي بدأت الاستجابة لها بالفعل من عدد من المتاجر الكويتية وغيرها وقيام جمعيات بسحب أبرز العلامات التجارية السويدية المنتشرة دوليا.

يبلغ عدد سكان السويد 10.5 مليون شخص، لتحتل المركز الثامن والثمانين بين دول العالم من حيث السكان، كما تبلغ مساحتها 450 ألف كيلومتر مربع، في المركز الثامن والخمسين بين دول العالم من حيث المساحة، لكنها تأتي عادة في المركز الثاني والعشرين بين دول العالم من حيث حجم الاقتصاد، والذي يمثله الناتج المحلي الإجمالي فيها، مما أهّلها لشغل المركز الثاني عشر دوليا من حيث نصيب الفرد من الدخل القومي، والذي بلغ حوالي 59 ألف دولار عام 2021.

وأذكر هنا أنه حينما دعانا رئيس اتحاد الكتاب في السويد لقضاء يوم في استراحته وسط الغابات، والتي تبعد عن العاصمة بأكثر من ساعتين ونصف بالسيارة، وجدت نوافذ الاستراحة الزجاجية المطلة على الشارع والتي يزورها الرجل خلال إجازاته فقط، تُمكن من يقف في الشارع من رؤية ما في حجرات الاستراحة في الطابق الأرضي من أجهزة منزلية وأثاث، وسألته عن إمكانية أن يدفع من في الخارج النافذة بيده والدخول للاستراحة، وكان رد الرجل أنه لا أحد يسرق هنا، وأشار إلى باب الاستراحة البسيط الذي يسهل فتحه.

فائض تجاري سلعي وخدمي معا

وترتكز قوة الاقتصاد السويدي إلى صادراته سواء السلعية أو الخدمية، ففي السنوات الخمس والعشرين الأخيرة حقق الميزان التجاري السلعي فائضا في 21 عاما منها، ومنذ عام 2003 يحقق ميزان التجارة الخدمية فائضا مستمرا، حتى السنوات الثلاث الأخيرة التي حقق فيها عجزا. ومع الفائض الكبير بميزان الدخل أصبح ميزان المعاملات الجارية السويدي يحقق فائضا مستمرا، خلال السنوات العشرين الأخيرة بلا انقطاع، وتوقع صندوق النقد الدولي مؤخرا استمرار هذا الفائض بالحساب الجاري حتى عام 2028.

وتشابه الأمر مع الموازنة السويدية التي غالبا ما تحقق فوائض، ففي السنوات العشرين الأخيرة حققت الموازنة فائضا فيما عدا ست سنوات فقط، وتوقع صندوق النقد الدولي توازن الموازنة في العام الحالي، وتحقيقها عجزا محدودا في العام المقبل ثم عودتها لتحقيق فوائض خلال السنوات التالية.

وهكذا شهد الاقتصاد السويدي خلال السنوات العشرين الأخيرة نموا مستمرا، فيما عدا عامي الأزمة المالية 2008 و2009 وعام كورونا 2020، ويتوقع صندوق النقد تحقيق انكماش بنسبة نصف في المائة بالعام الحالي، ثم معاودة النمو في السنوات التالية. وارتبط ذلك بارتفاع معدلات التضخم التي وصلت إلى 9.7 في المائة في أيار/ مايو الماضي، مما دفع البنك المركزي لتحريك سعر الفائدة تدريجيا من صفر في المائة، حتى بلغت 3.75 في المائة بالشهر الماضي، وهو أعلى معدل للفائدة خلال خمسة عشر عاما.
 

في الصادرات السويدية اقتصرت قائمة الدول الثلاثين الأوائل من الدول العربية أو الإسلامية، على دولتين هما تركيا في المركز السادس عشر والسعودية في المركز السابع والعشرين، وتكرر ذلك في قائمة الثلاثين الأوائل بالواردات والتي لم ترد فيها سوى ثلاث دول إسلامية، وهي تركيا في المركز الحادي والعشرين ونيجيريا الثاني والعشرين وبنجلاديش في الثلاثين

وبالنظر إلى تفاصيل التجارة الخارجية السلعية في العام الماضي، نجد أنها تتركز مع دول الجوار الجغرافي بشكل أساسي، وكان الشريك التجاري الأول ألمانيا، دولة الجوار البحري، تليها النرويج، دولة الجوار الحدودي. وفي الصادرات السويدية اقتصرت قائمة الدول الثلاثين الأوائل من الدول العربية أو الإسلامية، على دولتين هما تركيا في المركز السادس عشر والسعودية في المركز السابع والعشرين، وتكرر ذلك في قائمة الثلاثين الأوائل بالواردات والتي لم ترد فيها سوى ثلاث دول إسلامية، وهي تركيا في المركز الحادي والعشرين ونيجيريا الثاني والعشرين وبنجلاديش في الثلاثين.

فائض سويدي مع غالبية الدول العربية

وخلال العام الماضي بلغت قيمة صادرات السويد للدول العربية، 4.564 مليار دولار تمثل حوالي 2.1 في المائة من مجمل صادراتها، بينما بلغت قيمة وارداتها من العرب 1.262 مليار دولار تمثل نسبة 6 في الألف من مجمل وارداتها، ليصل نصيب العرب من تجارة السويد 1.4 في المائة، وحققت السويد فائضا تجاريا مع العرب بلغ 3.3 مليار دولار، حيث حققت فائضا مع كل الدول العربية فيما عدا ليبيا والكويت وسوريا.

ورغم أن السويد تعاني نقصا حادا في الطاقة إلا أنها تستورد معظمها من دول غير عربية، حيث بلغت قيمة واردتها من الطاقة في العام الماضي 28.3 مليار دولار، بينما واردتها من الدول العربية شاملة الطاقة وغيرها 1.3 مليار دولار. وتبلغ نسبة الاكتفاء الذاتي لديها من النفط أقل من 4 في المائة، ومن الغاز الطبيعي أقل من ذلك حيث أنها لا تنتج الغاز، ومن الفحم 32 في المائة.

ومن هنا فقد نوعت مصادر توليد الكهرباء لديها لتقصر نسبة الوقود الأحفورى من نفط وغاز طبيعي وفحم على نسبة 1 في المائة فقط، بينما كانت مساهمة الطاقة الكهرومائية 44.7 في المائة في دولة تبلغ حدودها البحرية 3218 كيلومتر، والطاقة النووية 29.5 في المائة، والرياح 17.2 في المائة، والكتلة الحيوية 6.9 في المائة، والطاقة الشمسية سبعة في الألف.

وخلال الشهور الأربعة الأولى من العام الحالي تكررت صورة تركز تجارة السويد مع جيرانها، وضعف نصيب العرب والدول الإسلامية من التجارة السويدية، حيث اتجهت نسبة 73.7 في المائة من الصادرات إلى الدول الأوربية، و12.2 في المائة لدول الأمريكتين، و10.9 في المائة للدول الآسيوية، و1.8 في المائة للدول الأفريقية، ونفس النسبة لدول الشرق الأوسط.

وكانت السعودية أعلى البلدان العربية بنصيب سبعة في الألف، تليها الإمارات بنسبة نصف في المائة، ومصر أربعة في الألف، كما بلغ نصيب دول ماليزيا وأندونسيا وباكستان وكازاخستان مجتمعة ستة بالألف.

امتداد المقاطعة إلى الخدمات السويدية
 

يتطلب الأمر اتساع نطاق المقاطعة للسلع السويدية بين المهاجرين العرب والمسلمين المقيمين في الدول الأوروبية، حتى تشعر الشركات السويدية بأثر ذلك على مبيعاتها، فتضغط على حكومتها لمراعاة مشاعر المسلمين، كذلك يتطلب الأمر امتداد المقاطعة إلى مجال الخدمات السويدية في مجالات السياحة والخدمات المصرفية والتأمينية والتعليمية والصحية والترفيهية وغيرها

وفي الواردات السويدية خلال الشهور الأربعة الأولى من العام الحالي، جاءت نسبة 83.6 في المائة من الدول الأوروبية، و9.8 في المائة من دول آسيا، و5.2 في المائة من الأمريكتين، وتسعة بالألف من أفريقيا، وسبعة في الألف من الشرق الأوسط، وكان نصيب دول السعودية والكويت وبنجلاديش وماليزيا وباكستان وكازاخستان مجتمعة 1.3 في المائة من الإجمالي.

ونأمل ألا يؤدى تراجع قيمة العملة السويدية (كرونة) حاليا إلى تشجيع بعض التجار على استيراد السلع السويدية، فرغم عضوية السويد بالاتحاد الأوروبي منذ عام 1995، إلا أن سكانها رفضوا الانضمام لدول اليورو.

ومما سبق يتطلب الأمر اتساع نطاق المقاطعة للسلع السويدية بين المهاجرين العرب والمسلمين المقيمين في الدول الأوروبية، حتى تشعر الشركات السويدية بأثر ذلك على مبيعاتها، فتضغط على حكومتها لمراعاة مشاعر المسلمين، كذلك يتطلب الأمر امتداد المقاطعة إلى مجال الخدمات السويدية في مجالات السياحة والخدمات المصرفية والتأمينية والتعليمية والصحية والترفيهية وغيرها.

كما يفضل أن تقترن المقاطعة بالسعي القانوني لدى القضاء السويدي لإثبات تضرر المسلمين مما حدث، وعقاب الجاني حتى يرتدع هو وغيره، والمشاركة في حملات إعلامية وتظاهرات سلمية لتبيان مكانة القرآن الكريم لدى المسلمين، وبيان بعض تعاليمه الخاصة باحترام كافة الرسل والأديان، حيث يتوقع البعض أن يؤدى ما حدث إلى أن يدفع الفضول ورد الفعل الإسلامي؛ البعض في العالم الغربي للتعرف على القرآن الكريم من باب المعرفة، وإلى كسب أنصار جدد لقضية مكانة القرآن الكريم بين أهل الديانات المختلفة، أو حتى من بين اللا دينيين الذين يشكلون نسبة 33.5 في المائة من سكان السويد.
 

 

 

 


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
كلمات دليلية
التعليقات (0)