لماذا تحرص تركيا على إبراز قوتها في خليج غينيا؟

profile
  • clock 5 نوفمبر 2021, 3:28:42 م
  • eye 504
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

سلطت زيارة الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" لثلاث دول في خليج غينيا الشهر الماضي الضوء على أهمية التنافس على النفوذ هناك؛ حيث أصبح خليج غينيا أكثر سخونة من أي وقت مضى.

وزار أردوغان أنجولا وتوجو ونيجيريا في أحدث زيارة له إلى أفريقيا. وتؤكد هذه الجولة على الدور الذي تلعبه هذه الدول الثلاث في المستقبل القريب لمصالح أنقرة في هذا الجزء من القارة.

وفي عام 2005، بدأت تركيا نهجها السياسي الجديد تجاه أفريقيا. وتعتبر عقيدة "فتح أفريقيا" مفتاح النهج التركي في العلاقات السياسية والاقتصادية بالقارة. ومن خلال مزيج مناسب من تكتيكات القوة الناعمة، حققت تركيا اختراقات مهمة في منطقة خليج غينيا. وبعد التطور الناجح للحلول الأمنية الصومالية لمكافحة القرصنة قبالة سواحل ذلك البلد، وجهت تركيا اهتمامها سريعا إلى هذا الجزء من أفريقيا، جنبا إلى جنب مع جهات فاعلة أخرى مثل روسيا والصين.

وتعد نيجيريا الدولة الرئيسية على خليج غينيا والشريك التجاري الأكبر لتركيا في هذه المنطقة، ومصدر الكثير من الجرائم، التي تحدث في الممرات المائية التي تصب في خليج غينيا.

وزار "أردوغان" نيجيريا للمرة الأولى عام 2016. وفي أبريل/نيسان 2018، وقع البلدان اتفاقية دفاعية لتدريب القوات المسلحة النيجيرية وتجهيزها. وأقام الرئيس التركي صداقة وثيقة مع الرئيس النيجيري "محمد بخاري"، وهو أمر مهم في بيئة الطاقة الجديدة.

وأشار سفير تركي إلى الروابط التاريخية التي تربط بلاده بهذا الجزء من أفريقيا، خاصة نيجيريا. وتُترجم العلاقات بين الإمبراطورية العثمانية وإمبراطورية كانم-برنو، التي كانت موجودة في القرن السادس عشر، اليوم، إلى القوة الناعمة لأنقرة من خلال التأكيد على علاقاتها مع نيجيريا والنيجر وتشاد والكاميرون. إذ تشكل مثل هذه المفاهيم جزءا من مستقبل أنقرة.

وأظهر "أردوغان" جانبًا آخر لقدرات القوة الناعمة لأنقرة خلال زيارته لأنجولا. فهي مفتاح لتركيا تماما مثل نيجيريا؛ بسبب الدور التاريخي الذي لعبه الرئيس السابق "خوسيه إدواردو دوس سانتوس" في الحركات المناهضة للاستعمار.

وكانت أنجولا دولة عميلة للسوفيت مع وجود كوبي قوي خلال الحرب الباردة. هذه الذاكرة لا تزال قوية، وتظهر كيف ترى أنقرة وموسكو أن أنغولا مهمة. تحدث "أردوغان" إلى البرلمان الأنجولي، وحذر من أن مصير الإنسانية لا يمكن ولا ينبغي أن يترك تحت رحمة حفنة من الدول التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية، في إشارة إلى الغرب، ولكن أيضا إلى روسيا. لا يزال هناك من لا يستطيع قبول مكتسبات الاستقلال والحرية والمساواة للشعوب الأفريقية. وقال في إشارة إلى تأثير قوى خارجية أخرى، إننا نشهد تكرار هذا مؤخرا.

علاوة على ذلك، من وجهة نظر "أردوغان"، من المهم احتضان شعوب القارة الأفريقية دون تمييز. ويرفض الرئيس التركي التوجهات "الاستشراقية المتمحورة حول الغرب" للقارة الأفريقية، كما قال أمام البرلمان الأنجولي. ويساعد هذا النوع من النهج أيضا على اللعب ضد المصالح الفرنكوفونية.

على الجبهة الأمنية ، تحتل أنجولا موقعا متميزا لاستقبال طائرات بدون طيار تركية الصنع وناقلات مصفحة لإضافتها إلى ترسانة البلاد المتنامية. وباعت أنقرة أول قطعة من معداتها لأنجولا منذ 19 عاما؛ لذلك هناك تاريخ طويل من التعاون الدفاعي الثنائي.

كل ما سبق يتناسب مع القطاع البحري ووصول تركيا، تماما مثل أي من الجهات الفاعلة خارج المنطقة الأخرى في خليج غينيا. قامت العديد من الدول المختلفة بنشر مهام مكافحة القرصنة في هذه المياه. مشاركة تركيا ليست جديدة؛ حيث تعاملت قوات كوماندوز البحرية مع تحرير القوارب المختطفة.

وبالتالي، فإن الأمن البحري والحفاظ على العبور الحر هو عامل رئيسي. الموانئ الرئيسية -بما في ذلك أبيدجان وساساندرا في ساحل العاج، وميناء بنينجتون في نيجيريا، ومحطة كوم كريبي 1 البحرية وميناء كريبي في الكاميرون، وبويرتو ماسياس في غينيا الاستوائية- هي منفذ لمئات الملايين من الناس على طول المحيط الأطلسي لقوس غرب أفريقيا. وأنشأت تركيا مجموعة ثابتة من المصالح على مدار العقدين الماضيين، والتي تعد جزءًا من نظامها البيئي التجاري.

وتظهر زيارة أردوغان لنيجيريا وأنجولا أن تركيا تستهدف نقل النفط من اثنين من أكبر منتجي النفط في أفريقيا. فعبور هذه البضائع مهم للتجارة الدولية.

ولمكانة روسيا على هذه الخريطة البحرية أهمية كبيرة. وكان نشر موسكو للسفينة الحربية "نائب الأدميرال كولاكوف" في خليج غينيا في مهمة لمكافحة القرصنة في لحظة زيارة "أردوغان" يذكرنا بألعاب القوة التي يلعبها البلدان في مختلف المسارح الأخرى.

وأرسلت السفينة الروسية مروحية للسماح لمشاة البحرية بالصعود على متن السفينة "MSC Lucia"، التي تم اختطافها على بعد 86 ميلا بحريا جنوب غرب محطة نفط أجبامي، وهي جزء من حقل أجبامي البحري النيجيري. لكن عند وصول قوات المارينز الروسية وتفتيشها، كان القراصنة قد غادروا بالفعل. وأصدرت نداء استغاثة، لكن التوقيت ونقص الأدلة يوحي بوجود ألعاب جيوسياسية و"بصرية".

وتعد زيارة "أردوغان" لخليج غينيا مرحلة أخرى في تطوير عقيدة السياسة الخارجية لتركيا، والتي هي في مرحلة نشطة للغاية؛ حيث يكون الوصول إلى البحر مهما لتحقيق أهدافها الاستراتيجية الوطنية.


المصدر | أوراسيا ريفيو/ثيودور كاراسيك

التعليقات (0)