«فورين بوليسي»: كيف ساهم الغرب في وأد الثورة السودانية؟

profile
  • clock 8 مايو 2022, 5:23:48 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

يقول جوستن لينش، صحافي يغطي شؤون أوروبا الشرقية وأفريقيا والأمن السيبراني، في مقالٍ نشرته مجلة فورين بوليسي إن ما وصفه بخداع الذات والإهمال منع الحكومات ووكالات الإغاثة من تسهيل انتقال حقيقي دائم إلى الديمقراطية في السودان.

ويستهل الكاتب مقاله بالقول: إنه في مثل الشهر الماضي أبريل (نيسان) قبل ثلاث سنوات (عام 2019)، أطاح السودان زعيمه الاستبدادي عمر البشير. وفيما يخص الولايات المتحدة والأمم المتحدة والمجتمع الدولي كان يُنظَر إلى ثورة السودان على أنها فرصة تاريخية لتحويل الدكتاتورية إلى ديمقراطية. وتعهَّدت الولايات المتحدة بتقديم 700 مليون دولار لدعم الانتقال إلى الديمقراطية، بالإضافة إلى حوالي 600 مليون دولار في صورة مساعدات سنوية. وشكَّلت الأمم المتحدة بعثة لدعم الانتخابات. وعقد الزعيم الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤتمرًا دوليًّا رفيع المستوى للمانحين لدعم الحكومة المدنية.

لكن اليوم قُضِيَ على الحركة الديمقراطية في السودان. وأدَّى الانقلاب العسكري على رئيس الوزراء المدني في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 إلى تبدُّد الآمال في انتقال حقيقي.

يقول الكاتب: تمكَّنتُ من متابعة الثورة السودانية عن كثب بصفتي مراسلًا صحافيًّا، لكنني أردتُ أن أعيش خلال فترة الانتقال في السودان بقدر المستطاع للشخص الأجنبي. وعملت مسؤولًا متوسط ​​المستوى في الأمم المتحدة، ولدى المنظمات غير الحكومية في السودان، أثناء إجراء محادثات صريحة مع النشطاء، ورئيس الوزراء، والمسؤولين العسكريين، من أجل وضع كتاب يؤرخ لثورة السودان مع مؤلفين آخرين. ويؤكد الكاتب أنه كانت هناك فرصة للإصلاح أضاعها التكنوقراط، والدول، والمؤسسات الأجنبية، التي أرادت دعم الديمقراطية.

وقصة دور المجتمع الدولي في السودان توضح بالتفصيل حدود المساعدات الخارجية، لكنها أيضًا عبارة عن قصة خداع للذات والإهمال. ويجب ألا نخطئ الهدف أو نضل الطريق، فالجيش والسياسيون في السودان مسؤولون عن مصير بلادهم. إن ميراث الفساد والعنف استمر بعد سقوط البشير. وكان ذلك يعني أن طريق الانتقال في السودان سيكون دائمًا وعِرًا – إذا قُدِّر له أن ينجح من الأساس.

ويشير الكاتب إلى أن رئيس الوزراء المدني، عبد الله حمدوك، كان واضحًا دائمًا في أنه يتوقع تراجعًا في ثورة السودان. وافتقر حمدوك وغيره من التكنوقراط في الحكومة المدنية إلى المهارة السياسية لاستخدام النفوذ الضئيل الذي كان لديهم، وكانت أيديهم مغلولة بدستور يمنح الجيش سلطة شبه كاملة.

من المسئول عن ضياع الفرصة؟

يلفت الكاتب إلى أنه كانت هناك فرصة سانحة لإجراء إصلاحات مهمة قبل قيام الثورة المضادة، ولكن أضاعها، ليس هؤلاء التكنوقراط وحدهم، ولكن أيضًا الدول والمؤسسات الأجنبية التي أرادت دعم الديمقراطية. والدروس المستفادة من مساعدة المجتمع الدولي للسودان مهمة؛ لأن البشير لن يكون آخر ديكتاتور يُطَاح. وإذا أراد مؤيدو الديمقراطية القيام بعمل أفضل في دعم عمليات الانتقال إلى الديمقراطية في السودان، فعليهم التعلم من عملية الانتقال الفاشلة في الخرطوم.

إن ديناميكية القوة في عملية الانتقال في السودان لم تكن أكثر وضوحًا مما كانت عليه عندما أصبح حمدوك ربما أول رئيس وزراء بلا مأوى في العالم. وعندما وصل حمدوك إلى الخرطوم عام 2019، رفض قائد الجيش وقائد البلاد، عبد الفتاح البرهان، منح رئيس الوزراء الجديد أيًّا من قصور البشير القديمة للإقامة فيها. وبدلًا عن ذلك، وبحسب الكاتب، التقيتُ حمدوك لأول مرة بعد أيام قليلة من توليه رئاسة الوزراء في منزل قائم على أعمدة أعارته له عائلة بارزة في السودان، وبدا كما لو كان رئيس الحكومة قد وُضِع في مكان لقضاء العطلات تابع لشركة «إير بي إن بي» الأمريكية.

ومثَّل الخلاف بشأن مقر إقامة رئيس الوزراء عيبًا رئيسًا في ثورة السودان. وأبقى الدستور الانتقالي الجيش في السلطة لمدة 18 شهرًا، ولم يمنح حمدوك والحكومة المدنية سلطة حقيقية تُذكر. وشكَّل الخلل في ميزان القوى معضلة للمجتمع الدولي: هل الفترة الانتقالية في السودان حقيقة؟

يضيف الكاتب: وأوضح لي حمدوك إستراتيجيته في الحكم، وكان صوته الطبيعي في التحدث منخفضًا جدًّا لدرجة أنه كان بالكاد مسموعًا. وكنتُ أضطر إلى الانحناء بقدر ما أستطيع لسماع كيف أن إحدى أكبر أولوياته كانت تطبيع العلاقات مع المجتمع الدولي. (كنتُ أرى حمدوك رجلًا ذكيًا للغاية لا يحب التحدث في الأماكن العامة – وهو عيب خطير في أي سياسي).

ويشير الكاتب إلى أن حمدوك شرح له في مقابلة أجراها معه لوكالة أسوشيتد برس عام 2019 كيف أدرجت الولايات المتحدة السودان منذ ما يقرب من ثلاثة عقود على قائمة الدول الراعية للإرهاب، وأنها معزولة في الأساس عن النظام النقدي الدولي. قال لي حمدوك: «لقد عاملونا باعتبارنا دولة منبوذة».

وتوقفت إعادة جدولة الديون ودعم الميزانية من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي مؤقتًا خلال السنة الأولى الحاسمة من فترة عمل حمدوك.

هدف حمدوك كان تحسين حياة السودانيين

ويمضي الكاتب إلى أن إستراتيجية حمدوك الأساسية بصفته رئيسًا للوزراء تمثَّلت في تحسين حياة السودانيين من خلال تعزيز الاقتصاد وشعبية الحكومة المدنية حتى لا يتمكن الجيش من القيام بانقلاب. لكن حمدوك احتاج إلى السيولة وبسرعة. وكانت الديون الضخمة التي تركتها الحكومة السابقة تعني ببساطة عدم وجود أموال.

ويضيف لينش: ارتفعت أسعار الخبز، والكهرباء، والمنتجات الأساسية، ارتفاعًا كبيرًا بسبب التضخم الذي بلغت نسبته 359٪ عام 2021. وكان الاقتصاد في حالة انهيار شديد. وأوضح لي حمدوك في مقابلة وكالة أسوشيتد برس أن رفع واشنطن للسودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب هو «مفتاح أي شيء يمكننا القيام به في هذا البلد»، بحسب الكاتب.

واستدرك الكاتب قائلًا: لكن المساعدة من الحكومة الأمريكية تأخرت. وكانت المعركة داخل إدارة ترامب لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ستستغرق أكثر من عام. وكان هذا يعني أن إعادة جدولة الديون، ودعم الميزانية من البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، قد توقفت مؤقتًا خلال السنة الأولى الحاسمة من عمل حمدوك. وقلَّل هذا التأخير من فرص نجاح الحكومة الانتقالية. وتفاقم وضع التجاهل بسبب جائحة كوفيد-19 التي حطَّمت اقتصاد السودان، حيث انكمش بنسبة 3.6٪ عام 2020.

ويقول الكاتب: أوضح لي بعض المسؤولين الأمريكيين أنهم كانوا غير متأكدين هل عملية الانتقال في السودان حقيقية أم لا، ولا يريدون تقديم الدعم الذي ينتهي به الأمر إلى أيدي الجيش إذا سيطر على البلاد. وقال مسؤولون آخرون: إن أولئك الذين لديهم النفوذ في واشنطن لدفع حزمة المساعدة كانوا متخوفين من اتخاذ قرار.

وعندما أعلنت إدارة ترامب أخيرًا أنها سترفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في أكتوبر 2020 وتقديم الدعم المالي لعملية الانتقال في السودان، لم يكن ذلك لصالح السودان بشكل بحت؛ فقد جرى ربط شطب السودان من قائمة الإرهاب، وتقديم المساعدة المالية في نهاية المطاف باعتراف الخرطوم بإسرائيل بموجب اتفاقيات إبراهام. وشعر القادة في الخرطوم أن الولايات المتحدة احتجزت المرحلة الانتقالية رهينةً من أجل دعم حملة إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترامب. وعلى الرغم من الخطاب الأمريكي الداعي إلى دعم انتقال السودان إلى الديمقراطية، فإن الولايات المتحدة كانت تماطل من حيث الممارسة.

السودان: المساعدة جاءت متأخرة

وأوضح الكاتب أنه لما جاءت المساعدات إلى السودان أخيرًا، لم تكن على الوجه الصحيح. على سبيل المثال، أدارت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية غالبية التمويل الذي يُعطى لمرة واحدة، والذي بلغت قيمته 700 مليون دولار، بالإضافة إلى ما قاله لي المسؤولون الأمريكيون بأن المبلغ الإجمالي للتمويل يصل إلى 600 مليون دولار من المعونات السنوية للمساعدة في عملية الانتقال، ومعالجة القضايا الإنسانية في السودان. وكان لكل سفارة غربية حزمة مساعدات مماثلة، وكان المبلغ كله يزيد عن مليار دولار كل عام لمعالجة الفقر، والرد على العنف، ودعم الديمقراطية.

ويستطرد لينش: لكن لا يمكن كتابة هذه الأموال في شيك لحمدوك أو السودان. وكان على الولايات المتحدة ودول أخرى أن تنفق أموالها في الغالب على البرامج التي تنفذها الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمقاولون. وشملت البرامج أنظمة لرصد العنف في السودان، وشراء القمح السوداني، ودفع رواتب الموظفين في مكتب حمدوك. وحققت بعض هذه البرامج نجاحًا طفيفًا، لكنها لم تعالج أبدًا – وفقًا للكاتب – الأسباب الجذرية الأساسية للعنف والفساد. ودعمت برامج عديدة المصالح الفردية على حساب ما يحتاجه حمدوك. وكانت تلك البرامج بمثابة ضمَّادة مكلفة للغاية، ولكنها ضئيلة على جرح ينزف باستمرار بحسب رأي الكاتب.

ويوضح لينش: مع استمرار الفترة الانتقالية، أصبح إيجاد طرق لإنفاق الأموال أمرًا صعبًا للغاية. واعترف لي مسؤولون عن الشؤون الإنسانية في السفارات عبر الخرطوم بأنهم لا يعرفون كيف ينفقون الأموال المخصصة لهم. لقد تجاوز المعروض من هذه المساعدة البرامجية الطلب، لذلك لم يكن من الممكن استيعاب الأعداد الهائلة من المستشارين والبرامج والدورات التدريبية.

سوء توجيه للأموال

ويذكر لينش: اعتبارًا من نهاية عام 2021 لم يكن جانبًا كبيرًا من مبلغ الـ700 مليون دولار التي تعهدت بها الحكومة الأمريكية لعملية الانتقال في السودان قد جرى الالتزام بها، وفقًا لمسؤولين أمريكيين؛ مما يعني أن الأموال لم تنفَق بالفعل. ويضيف الكاتب: اعترف لي دبلوماسيون من سفارات أخرى بأنهم قدموا أموالًا لوكالات الأمم المتحدة في السودان، على الرغم من أنهم كانوا يعلمون أنها لن تكون فعَّالة؛ لأنهم لم يعرفوا كيف يستخدمونها خلال دورة الميزانية الخاصة بهم.

ونادرًا ما كان يجري تنسيق الأموال التي تُنفَق على البرامج الإنتاجية، لذلك كان هناك ازدواج كبير في المساعدة من كل دولة مانحة. على سبيل المثال، أخبرني دبلوماسيون أنه في مرحلة ما موَّل ثلاثة مانحين مختلفين جهودَ الاتصالات في مكتب حمدوك الذين فعلوا الشيء نفسه تقريبًا بحسب قول لينش.

وحسبما يرى لينش: احتاج حمدوك إلى السيولة بسرعة لتوفير الكهرباء بسعر أرخص وتوفير مزيد من الخبز، وتقديم الأموال لحشد المؤيدين السياسيين. وربما كان إعطاء الأموال مباشرة إلى حمدوك أكثر كفاءة وفعالية. وبدلًا عن ذلك حصل حمدوك على جيش من المستشارين الغربيين الذين لم يعرفوا حقًا السياق المحلي، وقاموا بتنفيذ برامج باهظة الثمن بنجاح منقطع النظير.

الجنس مقابل المساعدات!

ويرجح الكاتب أن أكبر فرصة ضاعت على المجتمع الدولي ربما كانت الفشل في الضغط من أجل الإصلاحات التي من شأنها أن تجعل المساعدات أكثر فعالية. وفي ظل حكومة البشير كانت «مفوضية العون الإنساني (HAC)» تحت مظلة جهاز المخابرات في البلاد.

وبحسب الكاتب فقد كانت وكالات الاستخبارات بارعة في سرقة المساعدات الأجنبية، أو عرقلتها، أو منعها، على نحو قاطع. واستخدم النظام القديم المساعدات الخارجية أداةً للإكراه السياسي. ومع ذلك وخلال الفترة الانتقالية ظل نظام الإكراه معمولًا به. وألمح لي حمدوك عدة مرات أنه لا يملك القوة لمواجهة الجيش وأجهزة المخابرات التي استفادت من الفساد.

وهناك أمثلة هائلة للمساعدات التي تُسرق أو التي تُحظَر بالكلية، يذكر منها الكاتب على سبيل المثال أنه في بداية أزمة كوفيد-19 عام 2020 منعت المخابرات العسكرية السودانية اختبار مسحات كوفيد-19، ولم يبدُ لي أن هناك سببًا آخرَ لذلك سوى أن تلك المخابرات العسكرية نظرت إلى المساعدات الخارجية على أنها شيء يهدد نظام الإكراه لديهم. وأفاد مسؤولو الأمم المتحدة أنهم تعرضوا للتهديد بالطرد لإثارة هذه القضايا علانيةً.

ويقول الكاتب: عندما كنتُ أزور منطقة متأثرة بالصراع في السودان، اقتربتْ مني مجموعة من النساء يرتدين شالات غنية بالألوان أثناء إجراء المقابلات. وأخبرتني تلك النساء أنه لكي تُدرَج أسماؤهن على القوائم لتلقي المساعدة، كان عليهن – بحسب الكاتب – ممارسة الجنس مع قادة المجتمع الذين عيَّنتهم الحكومة. وقالت لي إحدى النساء: «إذا كانت نتيجة جلب عمال الإغاثة الأموالَ للقادة أنهم يشترون بها النساء، فهذا ليس جيدًا». والأمر المثير للصدمة تمثل في الجهود الدبلوماسية شبه الغائبة لإصلاح هذا النوع من المخالفات على الرغم من ضخ مليارات الدولارات في السودان.

فرصة للحصول على مزيد من الأموال

وأفاد الكاتب أن الأمم المتحدة وضعت عملية انتقال السودان إلى الديمقراطية على رأس أولوياتها، لكن كان من الصعب رؤية نتائج ذلك. وفي عام 2020، أنشأت الأمم المتحدة بعثة جديدة، هي «بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان (يونيتامس)»، لدعم المرحلة الانتقالية، وتخلَّصت تدريجيًّا من مهمة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في دارفور. وخلال المناقشات لإنشاء البعثة المتكاملة، رأيتُ كيف قوَّض كبار مسؤولي الأمم المتحدة هدف المنظمة المتمثل في مساعدة عملية الانتقال في السودان؛ لأنهم رأوا في ذلك فرصة للحصول على مزيد من الأموال للوكالات التابعة لهم.

ويذكر الكاتب: أنه في صباح أحد الأيام أثناء جلوسي مع دبلوماسي آخر، وكنَّا نتناول الإفطار، أخبرتني رئيسة «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)» في السودان، باولا إيمرسون، أن البعثة الجديدة لا ينبغي أن تضم قوات حفظ سلام؛ لأنه من دون تلك القوات سيكون هناك مزيد من الأموال لوكالات الأمم المتحدة الأخرى، مثل الوكالة التي تترأسها. هنا جلست أنا والدبلوماسي الآخر مذهولين.

وويضيف لينش: لم تمول وكالات الأمم المتحدة من خلال آليات مختلفة عن تلك التي تمولها قوات حفظ السلام فحسب، بل تجاهل هذا التصريح أيضًا الجولة الجديدة من الصراع الذي يختمر في دارفور. (نزح أكثر من 430 ألف شخص في السودان بسبب الصراع، معظمهم في دارفور، من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر 2021).

ولم تكن معارضة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية لقوات حفظ السلام حاسمة، لكنها تكشف عن نظام يبدو أنه يقدر حلب الأموال بأي ثمن وتسييس الوظائف، بدلًا عن مساعدة السودانيين في الواقع. ورأيتُ بعد أسابيع قليلة كيف عرقل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، وبعثة حفظ السلام، جهود تفصيل الجرائم في دارفور التي ارتُكِبت بمساعدة الحكومة، على الرغم من المعلومات الداخلية الواضحة.

ويضيف الكاتب: وصلتُ إلى مخيمات اللاجئين على طول الحدود الإثيوبية بعد وقت قصير من اندلاع الحرب الأهلية الإثيوبية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020. وعلى مدار أيام كان هناك قليل من الماء، أو الطعام، أو الملابس للاجئين الذين نجوا من الفظائع المروِّعة. وعندما يخطط دبلوماسي كبير لزيارة المخيم لالتقاط الصورة الفوتوغرافية، كان مسؤولو الأمم المتحدة يقضون أيامًا قبل وصوله في التحضير ولصق أكبر عدد من شعارات وكالتهم عبر خزانات المياه والشاحنات وأشياء أخرى.

ويكمل الكاتب: غالبًا ما شعرتُ أن هدف الأمم المتحدة وبعض المنظمات غير الحكومية هو الحصول على مزيد من الأموال، بدلًا عن مساعدة الناس في حقيقة الأمر. وكان المشي في المخيم يُشعِر المرء أحيانًا بأنه يتصفح الإنترنت دون برنامج مانع النوافذ المنبثقة الخاص بالإعلانات.

ويضيف لينش: غادر الدبلوماسيون لجلسة التقاط الصور مع فرقهم وبعضهم يهنِّئ بعضًا على الزيارة الناجحة. وفي الوقت نفسه كانت الاستجابة الإنسانية غير منسَّقة وفاشلة في المهام الأساسية، مثل منع العنف الذي يقوم على النوع. ومن المؤكد أنني رأيتُ كيف كانت المساعدات سببًا في أن يحصل الناس على ملاجئ للعيش فيها، ومدارس للأطفال للتعلم فيها، ومياه نظيفة يشربونها. وكان يمكن أن يموت الآلاف دون مساعدة الطوارئ. لكنه لم يكن عذرًا لكيفية سوء إدارة الاستجابة للاجئي إثيوبيا على نحو فظيع من جانب الأمم المتحدة على الرغم من تمويلها بالكامل.

ويقول الكاتب: كانت آخر مرة رأيتُ فيها حمدوك في يونيو (حزيران) 2021. وكان أكثر تفاؤلًا من أي وقت مضى. وكان هناك اتفاق سلام يُبشِّر بإنهاء الحرب الأهلية في جزء من السودان. وكان الاقتصاد قد بدأ يتحسن أخيرًا. وبدا أن هناك بارقة أمل في أن يتحد السياسيون المشاكسون في ائتلافه.

ولم يكن مفاجئًا إذًا أنه عندما كان هناك أخيرًا بصيص أمل أمام حمدوك أطاحه الجيش بانقلاب في 25 أكتوبر 2021. ومن الصعب التكهن بفكرة هل كان بإمكان المجتمع الدولي تغيير النتيجة النهائية في السودان أم لا. وسيطر الجيش السوداني على المرحلة الانتقالية، ولم يكن السياسيون التكنوقراطيون مثل حمدوك فعَّالين بسبب سُلطتهم المحدودة.

واختتم الكاتب مقاله بالقول: غير أن محدودية قدرة الدول الغربية على التأثير في الدول الأجنبية لا تعني أن تلك القدرة غائبة بالكلية. ونأمل في المرة القادمة أن يكون أداء الغرب أفضل من ذلك.

التعليقات (0)