اشرف الصباغ : احنا جيل الكفته.. جيل زلنطحي

profile
  • clock 9 مايو 2021, 2:17:14 م
  • eye 720
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

إحنا جيل الكفتة والحشيش وقزازتين البيرة.. إحنا أجمل وأجدع جيل عاصر ناصر والسادات ومبارك ومورسي والسيسي، وبيحبهم موت، ومابيشتمش عليهم إلا بعد ما بيموتوا أو يتقتلوا، أو ياخدوا الصابونة.. إحنا الجيل اللي رضع من حنان كل الرؤساء دول، ولسه كمان هايرضع، وماعندوش مانع يرضع من أي حد تاني...


إحنا جيل جبار، صايع وضايع ومثقف ونمام ومؤذي وحاقد ومضروب بالجزمة... جيل ما بيحترمش حد، لا اللي قبله، ولا اللي بعده، لأن مافيش حد بيحترمه،

 وهو أصلا مابيحترمش نفسه.. إحنا أوسخ جيل اتحول لسفنجة عشان يمتص كل وساخات الأجيال اللي قبله واللي بعده..
إحنا جيل معرص بالسليقة، واللي مش معرص مات أو هاجر أو بيبيع ترمس أو قاعد عاطل بيسب الدين للكل كليلة...

 جيل لا عرف يبقى عدمي ولا عرف يبقى عضوي، ولا حتى عرف يبقى بني آدم.. جيل سمك لبن تمر هندي،

 جرَّب الحشيش والأفيون والبانجو والـ ٨٤ والفن وكينا البطل الحديدية والسبرتو الأحمر والكُلَّة، ومارس العادة السرية في الأتوبيسات وطوابير الجمعية..
إحنا جيل أوسع من سفينة نوح، فيه القرد والحمار والنسناس.. وفيه البغل والحصان.. وفيه الأسد والفيل والنعامة والعرسة.. وفيه الديب والتعلب والأرنب..

 جيل كان الشعراوي بيلعب في أساسه، وشكري مصطفى عايز ياخده للتكفير والهجرة، ومصطفى محمود واخد مخه لفة... بس إحنا كنا بنقرا ألغاز وماركسية ونلعب رفة وبلي..
إحنا جيل شاف نصر حامد أبو زيد، وإمعانا في المكيدة شاف برضه عبد الصبور شاهين.. جيل طلع لقاهم بيتكلموا عن الاشتراكية في الإسلام،

 وعلى ما جه يضحك، لقاهم بيتكلموا عن صدام الحضارات وسيادة الليبرالية.. جيل هجم عليه السلفيين والإخوان وحاولوا ياخدوه ورا مصنع الكراسي، وأول ما جه يداري مؤخرته،

 لقى الأمن المركزي هاجم على نفس الأمن المركزي في ٨٦، والاتنين هاجمين عليه، ومبارك بيقول: خليهم يتسلوا..
إحنا جيل شاف الهزايم والانتصارات، وطلع مظاهرات، وانضرب بالجزمة من الأمن والإخوان، ومن المخبرين ولاد الوسخة..

 جيل دهس مصر حارة حارة ونجع نجع، ومولد مولد، ومظاهرة مظاهرة، وقهوة قهوة، وغرزة غرزة،.. 

جيل راح العسكرية، وكان عنده أحلام.. جيل مصر دهسته وطلعت ديك أمه زي ما طلعت ديك أم اللي قبله، وبتطلَّع ديك أم اللي موجودين، واللي جايين بعدهم..
إحنا جيل رقص على السلم، واللي باقيين منه بيرقصوا تحت السلم، وتحت الكباري،

 وفي المدافن والجبانات... جيل عفريت ومتعفرت، ومايعرفش الخوف، لكن بيموت في جلده من الخيبة والفشل وقلة الحيلة والغدر والحقد والذل..

 جيل جاع على القهاوي وفي الشوارع، واتداين للبارات وعربيات الفول في الشوارع..
إحنا جيل عمل مسرحيات في سرس الليان والبتانون والعريش وأسوان.. كانت مسرحيات فاشلة زينا..

وكنا كلنا بنحب بطلات مسرحياتنا في البروفات، وهم بيحبونا كلنا، بس من ورا بعض، وإحنا كنا عارفين.. 

إحنا سميح منسي وهو بيعمل أفلام بنت وسخة.. إحنا هو، وهو ماشي في شارع قثصر العيني بيسب الدين قدام مجلس الشعب ومسرح السلام للعسكر والإخوان،

 وعايز مصر تبقى بالظبط زي ما كنا بنشوفها وإحنا قاعدين على شط النيل.. وزي ما كان منتصر جابر بيرفع راسه لفوق ويتخيلها.. 

وزي ما كان أيمن سالم بيلاعبها ويداعبها ويسرق منها بوسة..
إحنا زكريا عبد الحميد اللي ساب السينما وراح يغسل عربيات في جراج، فمات هناك.. وممدوح السجيني وهو بيشد نفس عميق من الشيشة ويعدل النضارة،

 وينفخ الدخان، وبيفكر هانشرب إزازة الـ ٨٤ فين.. إحنا ولاد أي شقة واسعة الطالبية أو سرياقوس أو الوايلي الكبير،

 شقة مليانة جتت ملقحة ونايمة، وناس رايحة، وناس جايه.. جيل ابن أحلام معفنة وفاشلة زيه بالظبط..

إحنا جيل ابن ورش الصفيح والكاوتش والجرايد النص كم وقعدات العكننة وضرب البمب.. وجيل ورشة الزتون،

 اللي حبوا يعملوها حزب، فكسبنا وعملناها "ورشة".. تاخدها مشي من شبرا والزاوية وشادر السمك عشان توصل لصاحبها شعبان يوسف..

 وشعبان يوسف، صاحب الورشة، والأسطى بتاعها هو نفسه وكأنه اتولد زي ما هو كده..

إحنا جيل قعد على شط النيل وحلم، وسرح ببصره لبعيييييييد.. جيل تافه ماعملش أي حاجة مفيدة وعايش على الأوهام،

 ولسانه طويل وبيشتم الكل كليلة، بس بيغني مع سيد درويس والشيخ إمام وبليغ حمدي، وبيهز راسه مع محمد رشدي ومحمد قنديل،

 وبيتجنن لما بيسمع عبد المطلب وعفاف راضي وأحمد عدوية.. جيل بيموت في شادية وهند رستم وشمس البارودي..

 بتهزه تصاوير عاطف الطيب وخيري بشارة، وبتجننه موسيقى فؤاد حداد ومجدي نجيب.. وبيتوه في أشعار إبراهيم عبد الفتاح وإبراهيم داوود،

 وبيحب مكاوي سعيد.. وبيبكي لما يفتكر صحابه اللي اتحرقوا في مسرح بني سويف..
إحنا جيل خدها كَعَّابي، وعد الفلنكات: من السيد البدوي لسيدنا إبراهيم الدسوقي.. ومن سيدي عبد الرحمن الجمل لسيدنا الخراشي..

 من وجوه الفيوم بصحبة عمر الفيومي ومصطفى المسلماني لقهوة البستان، ومنها لقهوة المخبرين والأتيليه واليوناني والجريون،

 وبعدين يستأذن المسلماني ويسيبك تايه في تصاويره.. وكان أسامة الفيل ياخدك تصور معاه فيلم فاشل زينا كلنا، فيسيبك هو كمان ويموت..
إحنا جيل يموت في ستنا نفسية.. ويعشق ستنا زينب.. ويروح يحشش ورا سيدنا الحسين.. يدخل المطرية ويروح المسلة،

يدخل لدير ويطلع منه عشان يشوف العدرا في كنيسة الزتون.. جيل عايز الحرق بجاز وسخ، لما شافهم بيحرقوا المصريين في الزاوية الحمرا في ٧٧ ووقف يتفرج،

 وعايز ياخد على قفاه عشان كان لسه صغير في يناير ٧٧ وماعرفش يسن سنانه كويس عشان يجهزها ليناير اللي بعده..
إحنا جيل العيال الصغيرة اللي كانوا بيتنططوا من علوم المنوفية لتجارة بنها لعلوم عين شمس، ويروحوا يستريحوا في قهاوي شارع الجمهورية،

 ولما يتعبوا يروحوا عند سمير درويش في بنها وأمه تخبز لهم وتأكلهم كلهم من أكلها الحلو..
إحنا جيل شرب الحشيش من صغره في الأفراح، ورقص على مواويل أحمد عدوية، وشاف زينب الغزالي لما جت عشان تعمل ثورة في المنوفية،

 والشيخ كشك كان بيشتم عبد الحليم وأم كلثوم، وصحابنا بيموتوا على سهوة..
إحنا جيل زلنطحي حتى النخاع، نصبنا على بعض في شلن وبريزة وربع جنيه، ومين اللي هايجيب الإزازة انهارده، وهانروح نبات عند مين..

 جيل تافه وعبيط ولسانه طويل، وبيقلش على الرؤساء والوزراء والدين والآلهة والرسل والأنبياء.. إحنا جيل حلمنا كان بسيط، وأبسط من طرفة عين..

 إحنا ولاد الزمن الحرام اللي الأحلام فيه كفر وزندقة، وتحقيقها محاولة لقلب نظام الحكم..
إحنا جيل عايز ضرب الصرمة القديمة، عشان لا طال عنب الشام ولا بلح اليمن.. جيل بيسب الدين لمصر واللي جابها، وبيلعن سنسفيل أبوها،

 وتلاقيه بيوطي يبوس تراب أمها.. بيقل قيمة حكامها ولاد الوسخة، وبيضرب هيبتهم بالبلغة القديمة.. وبالمرة يقلش عليها وعلى وساختها وقسوتها.. وتلاقيه برضه راجع يدفس دماغه في سدرها..
إحنا جيل بيحب نجيب سرور ونجيب شهاب الدين، وبيعشق صنع الله إبراهيم.. وبيطرب للنقشبندي ونصر الدين طوبار..

جيل بيغير وبيحقد وبيتراخم، وبيضايق البنات، ونفسه في نظرة منهم، نفسه في ابتسامة أو كلمة حلوة ترد روحه،

 نفسه يتحب من بنات أحلامه، ومن بنات من لحم ودم.. جيل معندوش مقدس إلا المقدس..

 ومقدساتنا في الشوارع والحواري والسجون والموالد والنجوع والبارات وعلى القهاوي وفي الغرز.. مقدساتنا زي دموعنا، جوانا..
إحنا جيل يصعب على أي ابن كلب كافر وابن حرام، يصعب على أي ابن عرص منشار طالع واكل، نازل واكل في أرزاقنا وجتتنا وجتت عيالنا،

 أي وحش كاسر بيمص دمنا وبيغتصبنا حرفيا ومجازيا، وبيحاول يقنعنا إن كل ده لمصلحتنا..
إحنا أكبر واحد فينا، عيِّل صغير، عنده دلوقت ٦٠ سنة.. جيل نفسه حد يطبطب عليه وياخد بخاطره،

 أو ياخد بإيده عشان عجِّز من ٥٠ سنة فاتوا.. جيل بيبكي وبيخبي دموعه جواه عشان محدش يشوفها..

 جيل نفسه في نظرة حنينة تعوضه عن الفشل والضياع والسنكحة واللف طول الحياة في ساقية بحجم مصر..

جيل محتاج حد يعلِّمه يبكي بصوت عالي ودموعه تنزل على خده، وينهنه..

التعليقات (0)