توقعات "MEI" لـ2024: التنافس الاقتصادي يوسع التباعد بين السعودية والإمارات

profile
عبدالرحمن كمال كاتب صحفي
  • clock 13 ديسمبر 2023, 4:55:08 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد

توقع معهد الشرق الأوسط للدراسات "MEI" أن تشكل الصراعات والمنافسة والاحتواء معالم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2024.

وفي نشرة مطولة شارك فيها العديد من الباحثين والسياسيين، طرح المعهد توقعاته لمنطقة الشرق الأوسط ولكل دولة على حدة.

وفي إطلالة على العام 2023، قبل الدخول في توقعات العام المقبل، أوضح أليستر تايلور، مدير تحرير المعهد، أنه مع سيطرة الحرب في غزة وأصداءها الإقليمية على التغطية الإخبارية والمنتديات الدولية والمناقشات السياسية حول الشرق الأوسط على مدى الأشهر القليلة الماضية، فمن السهل أن ننسى أن الاتجاه السائد في معظم العام والذي يشكل المنطقة كان تحولاً أوسع نحو التهدئة والتقارب وتطبيع العلاقات.

وأضاف "تايلور" أنه بدافع من التصور السائد على نطاق واسع بشأن تزايد انفصال الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط وعدم موثوقية واشنطن المتزايدة، اتخذت الجهات الفاعلة الإقليمية خطوات لمعالجة مخاوفها. وربما كان اتفاق التطبيع المبرم في مارس 2023 بين الخصمين الإقليميين منذ فترة طويلة، المملكة العربية السعودية وإيران، أوضح مثال على ذلك (حتى لو توسطت بكين اسمياً في الاتفاق).

ومع ذلك، كان هذا الاتجاه واضحًا أيضًا في التقارب التركي مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وإسرائيل (بشكل عابر)؛ والدفعة المثيرة للجدل من جانب بعض الدول العربية لإعادة الرئيس السوري بشار الأسد من حالة العزلة في أعقاب الحرب الأهلية التي دامت 12 عاماً في البلاد؛ والمحادثات الجارية بين المملكة العربية السعودية والحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، وفق "تايلور".

 

تنافس خليجي على النفوذ

 

وأفرد المعهد في توقعاته للعام المقبل، جزءا كبيرا حول تنافس الجهات الفاعلة الرئيسية على جانبي الخليج على النفوذ وسط الاضطرابات الجيوسياسية.

وقال جيرالد م. فيرستين، زميل أول متميز في الدبلوماسية الأمريكية ومدير شؤون الجزيرة العربية، إنه على مدى أكثر من عقد من الزمان، منذ أن هزت انتفاضات الربيع العربي الحكومات الجمهورية في العالم العربي، لعبت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة دورا مهيمنا بشكل متزايد في توجيه السياسات السياسية والاقتصادية والأمنية في منطقة الشرق الأوسط. ومع تأجيج الأزمات في أوكرانيا وغزة للشؤون العالمية، قام صناع القرار في الرياض وأبو ظبي الآن بتوسيع تلك الهيمنة الإقليمية لممارسة التأثير على القضايا والسياسات في جميع أنحاء العالم.

وأضاف: "من موقعهما على قمة "كارتل" النفط أوبك + إلى دعوتهما للانضمام إلى المنظمة الحكومية الدولية لدول البريكس واستضافة الإمارات العربية المتحدة لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ عام 2023، مهد العام الحالي الطريق لكل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة للحصول على مقعد على الطاولة. بينما تناقش القوى الكبرى القضايا الحاسمة التي تواجه المجتمع العالمي".

 

تطلعات سعودية إماراتية

 

وتحت عنوان "تطلعات السعودية والإمارات لأدوار قيادية عالمية تؤتي ثمارها"، أوضح "فيرستن" أنه في حين ظلت السعودية والإمارات على الحياد بشكل حازم بشأن الحرب الأوكرانية، فإن ردهم على الصراع بين إسرائيل وحماس قد يكون قرارهم الأكثر أهمية خلال العام المقبل.

وتوقع أن تواجه السعودية والإمارات ضغوطاً متنافسة، على المستويين الدولي والمحلي، لاتخاذ مواقف حازمة بشأن الحرب الحالية، فضلاً عن محادثة "اليوم التالي" حول مستقبل غزة والصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وترى الولايات المتحدة أن الرياض وأبو ظبي شريكان أساسيان في الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في غزة بعد الصراع، ومعالجة التحديات الإنسانية الحرجة، وتلبية الاحتياجات الحكومية والأمنية في غزة، وربما الاستعداد للعودة إلى المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

كما توقع أن تكون علاقاتهم مع إسرائيل، القائمة والمحتملة، محل نقاش ساخن، بما في ذلك في حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية. ومع ذلك، فإن الحكومتين سوف تكونان حذرتين من الظهور بمظهر وكأنهما توفران غطاءً لحكومة إسرائيلية وسياساتها وعملياتها التي تعتبر لعنة بالنسبة للغالبية العظمى من العرب، بما في ذلك سكانهم.

وبحسب "فيرستين"، يتلخص مطلبهم في إثبات أن مشاركتهم في المبادرة التي تقودها الولايات المتحدة من شأنها أن توفر فائدة ملموسة للشعب الفلسطيني. إن المخاطرة التي يواجهونها، إذا أخطأوا في اتخاذ قرارهم، من المحتمل أن تؤدي إلى إثارة القلق الداخلي فضلاً عن الازدراء الإقليمي.

 

عين على غزة وأخرى على اليمن

 

وأشار مدير شؤون الجزيرة العربية بالمعهد، إلى أن الصراع في غزة يرتبط الآن بالرغبة السعودية الشديدة في إنهاء الحرب الأهلية في اليمن، ومعها التهديد بتجدد هجمات الحوثيين على الأراضي السعودية والإماراتية. إن جهود الحوثيين لإظهار دعمهم لحماس والولاء لـ "محور المقاومة" الإيراني من خلال الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار التي تستهدف إسرائيل، فضلاً عن الهجمات على الشحن في البحر الأحمر، أدت إلى تعقيد الاستراتيجية السعودية وزادت من احتمال تجدد الصراع السعودي الحوثي.

وأضاف: "يناشد السعوديون الولايات المتحدة (وإسرائيل على الأرجح) عدم السماح لاستفزازات الحوثيين بأن تؤدي إلى صراع أوسع. كما أنهم سيستخدمون حوارهم مع طهران سعياً إلى المشاركة الإيرانية لتحقيق نفس الغاية. يعد إنهاء الحرب الأهلية في اليمن هدفًا رئيسيًا في العام الجديد بالنسبة للسعوديين حتى يتمكنوا من إعادة تركيز سياستهم وميزانيتهم بعيدًا عن الدفاع والأمن ونحو التنمية الاقتصادية والتنويع".

وبحسب "فيرستين"، تعد اليمن، إلى جانب ساحل البحر الأحمر الأوسع، واحدة من المناطق القليلة التي اتبع فيها السعوديون والإماراتيون سياسات متباينة بشكل واضح. ويدعم السعوديون بقوة قيام دولة يمنية موحدة على حدودهم الجنوبية، بينما يدعم الإماراتيون حركة انفصالية من شأنها إعادة تأسيس جنوب اليمن قبل عام 1990. ومع ذلك، على الرغم من خلافاتهم، فقد استسلم الإماراتيون تاريخياً لتفضيلات الرياض، وتقبلوا أن الحل النهائي لمستقبل اليمن له أهمية أكبر بالنسبة للسعوديين.

 

تنافس سعودي إماراتي بسبب الاقتصاد

 

ويتوقع "فيرستين" أن المنافسة الاقتصادية بين البلدين لديها القدرة على أن تصبح نقطة احتكاك أكبر. إن رغبة الرياض في تأكيد هيمنتها الاقتصادية الإقليمية، وخاصة في الضغط على الشركات الدولية لإنشاء مقر إقليمي في المملكة العربية السعودية، تتحدى بشكل مباشر أولوية دبي باعتبارها مركز الأعمال والتمويل في الخليج.

ويرى "فيرستين" أن هذه القضية ستصل إلى ذروتها في العام المقبل مع دخول مشروع المقر الإقليمي الرائد في الرياض حيز التنفيذ، والذي يمنع أي شركة أجنبية ليس لها مقر إقليمي في المملكة العربية السعودية من التعامل مع المؤسسات الحكومية.

في النهاية، قد تكون الأعمال التجارية، وليس السياسة العليا، هي القضية التي تدفع الحليفين المقربين إلى التباعد أكثر، على حد قول "فيرستين".

التعليقات (0)