ضرورة حكومية ومعارضة برلمانية.. لماذا يثير قانون بيع الممتلكات العامة ضجة في إيران؟

profile
  • clock 6 فبراير 2023, 5:27:43 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

طهران- في خطوة أعادت التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا إلى أذهان الإيرانيين، اتخذت السلطات الإيرانية قرارا لبيع فائض الأصول الحكومية غير المستغلة من أجل توفير جزء من موارد ميزانية العام المالي الإيراني المقبل (يبدأ في 21 مارس/آذار المقبل) واستعادة النشاط للاقتصاد المحلي المحاصر.

وعلى غرار الحكومة السابقة، التي دعت إلى بيع فائض الممتلكات العامة وجزء من الأسهم الحكومية في بورصة طهران لسد عجز الميزانية النابع عن تفشي وباء كورونا ومواجهة العقوبات الأميركية، كشفت السلطات الإيرانية الثلاث، مطلع الشهر الجاري، عن قرار تحت عنوان "قانون إنتاجية فائض الأصول الحكومية"، مما أثار جدلا واسعا بسبب الغموض الذي يلفه على شتى الصعد.

وبعد التوقيع بالأحرف الأولى على مشروع قرار إنتاجية فائض الأصول الحكومية في المجلس الأعلى للتنسيق الاقتصادي الإيراني، صادق المرشد الأعلى علي خامنئي في 12 نوفمبر/تشرين الأول الماضي على القرار، إيذانا بتشكيل لجنة عليا تشرف علی تطبيق القانون الجديد والمساعدة في نمو الاقتصاد وتحويل الأصول غير المستغلة إلى مشاريع منتجة.

ضرورة قصوى

وتتكون اللجنة العليا المعنية بتطبيق القانون الجديد، من النائب الأول لرئيس الجمهورية، ووزراء الاقتصاد والداخلية والطرق والإسكان، ورئيس منظمة التخطيط والميزانية، وممثل عن رئيس البرلمان، وآخر عن رئيس السلطة القضائية.

وفي ثالث جلساتها، قررت اللجنة الأسبوع الماضي بيع 990 من الممتلكات والأصول الحكومية لتكميل نحو 1649 من المشاريع التعليمية و631 مشروعا آخر في وزارة الزراعة.

من جانبه، وصف وزير الاقتصاد الإيراني إحسان خاندوزي، قانون إنتاجية الأصول غير المستغلة بأنه "ضرورة قصوى" للنهوض بالاقتصاد الوطني، موضحا أن هذا القانون ليس جديدا، فقد طبقه العديد من الدول.

 

ومنذ عودة العقوبات الأميركية على طهران عام 2018 تراهن الحكومات الإيرانية على بيع فائض أصولها لمواجهة الحصار الاقتصادي وسد عجز الميزانية وخلق حركة في الاقتصاد المحلي، إلا أن تلك القرارات لم تدخل حيز التنفيذ بعد بسبب اصطدامها بمعارضة شرسة في الأوساط الرسمية والشعبية على حد سواء.

 

وزير الاقتصاد الإيراني يرى تطبيق قانون إنتاجية فائض الأصول الحكومية ضرورة قصوى للنهوض بالاقتصاد الوطني (الصحافة الإيرانية)

وزير الاقتصاد الإيراني: تطبيق قانون إنتاجية فائض الأصول الحكومية ضرورة قصوى للنهوض بالاقتصاد الوطني (الصحافة الإيرانية)

عجز الميزانية

ورغم انحسار فيروس كورونا في إيران منذ نحو عام، فإن الضغوط الأميركية والأوروبية على الاقتصاد الإيراني أدت إلى تراجع قيمة العملة الوطنية وتسجيلها مستوى قياسيا أمام الدولار الذي يتجاوز سعره هذه الأيام نحو 450 ألف ريال في السوق غير الرسمية.

وعلى ضوء استمرار تجميد الأصول الإيرانية في الخارج ومعاناة طهران في إدخال عوائد صادراتها، اتخذت الحكومة حزمة قرارات، منها توريد سبائك الذهب من قبل المصدرين بدلا من العملة الصعبة إلى جانب توفير 108 آلاف مليار تومان (نحو ملياري دولار) من موارد الميزانية جراء بيع فائض أصول الدولة.

معارضة برلمانية

وتعالت أصوات معارضة لهذا القرار من نواب البرلمان. وفي هذا الصدد، قال الرئيس السابق للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني حشمت الله فلاحت بيشه إن اتخاذ مثل هذا القرار على مستوى السلطات الثلاث دون تمريره في البرلمان يعتبر التفافا على دور السلطة التشريعية وتهميشا لها.

ويضيف في حديث للجزيرة نت أن القرارات التي تتخذ خارج أروقة البرلمان -ومنها رفع أسعار الوقود عام 2019- قد كلفت البلاد ثمنا غاليا، واصفا "الخشية من الملاحقة القضائية" بأنها السبب الرئيسي وراء عدم بيع الأصول الحكومية خلال السنوات الماضية.

ومن أجل إزالة هذا المانع -حسب حشمت الله فلاحت بيشه- منح رؤساء السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية الحصانة القانونية للجنة العليا المعنية بتطبيق قانون تحويل فائض الأصول الحكومية إلى مشاريع منتجة.

وبالرغم من تغيّر اسم العملة إلى الريال، إلا أن الشعب الإيراني لا زال يطلق على عملته اسم تومان في أعماله الشرائية . الجزيرة

الضغوط الأميركية والأوروبية على الاقتصاد الإيراني أدت إلى تراجع قيمة العملة الوطنية

مخالفات محتملة

ومن صلاحيات اللجنة -التي يتمتع أعضاؤها بالحصانة- اختيار الأصول الحكومية غير المستغلة المراد بيعها وتحديد أسعارها وتمتع أعضائها بالحصانة القانونية.

 

ويخشى معارضو هذه اللجنة وقوعها في مخالفات مثل المحسوبية وبيع الأصول بأسعار منخفضة وبالتقسيط، وترجيح كفة بعض ذوي النفوذ، مما يقوّض احتمالات توفير الموارد اللازمة في ميزانية العام المقبل.

ويقول معارضو قانون إنتاجية فائض الأصول الحكومية -الذي بات يعرف في إيران بقانون "بيع الممتلكات العامة"- إن الأصول الحكومية ليست حكرا على الجيل الحالي، وإنما هي ملك للأجيال القادمة، مما يجعل بيعها لسد عجز الميزانية اعتداء على حقوق الأجيال المقبلة.

وللتغلب على هذا التحدي، يعتقد عالم الاقتصاد رئيس كلية الاقتصاد بجامعة الخوارزمي وحيد شقاقي شهري، أنه لا بد من التفريق بين بيع الممتلكات وإنفاق مواردها على النفقات الجارية ودفع رواتب موظفي الدولة، وبين توظيفها لإنماء الاقتصاد وإنتاج الثروة ومن ثم تحريك عجلة الاقتصاد الوطني.

وفي تصريحات صحفية، يقترح شهري على اللجنة العليا المعنية بتنفيذ إنتاجية الأصول الحكومية العمل من أجل استثمار موارد القانون الجديد في إنشاء البنى التحتية والإعمار والمشاريع التنموية.

وكانت الحكومة الإيرانية السابقة أقدمت على طرح أجزاء كبيرة من الأسهم الحكومية للعديد من الشركات العملاقة والمصارف في بورصة طهران من أجل سد العجز في الميزانية إبان جائحة كورونا.

 

 

التعليقات (0)