- ℃ 11 تركيا
- 3 مايو 2024
عبدلي محند اقران يكتب: سلسلة مسارات الإستحمار الوطني (1) ..مدرسة الفتوة و البلطجة
عبدلي محند اقران يكتب: سلسلة مسارات الإستحمار الوطني (1) ..مدرسة الفتوة و البلطجة
- 18 أبريل 2023, 9:38:56 ص
- 369
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
منذ استقلالنا الشكلي و نحن في تيهان بحثا عن منظومة تربوية و مدرسة متأصلة و معبرة عن الوجدان الجزائري مساهمة في بناء إنسان ما بعد الإستدمار الفرنسي .
الأكيد أن بناء مثل هذه المنظومة يتطلب فكرا تنويرياوعقلانيا متبصرا ،واعيا بالرهانات التي يمكن أن تحيط بهذا المشروع الوطني المستدام ، وهي رهانات سلطوية داخلية ،ورهانات مرتبطة بالمستعمر الذي لم يخرج كلية و إنما ترك آثارا جلية على مجتمع منهك بالفوضى و الحرمان و الكبت و الصدمات المتتالية و رهانات إقليمية بفعل فضاءات الإنتماء المختلفة متوسطية ،إفريقية،عربية،و معسكرات الشرق و الغرب .هي جزء من مؤشرات و عوامل كان من المفروض أن تؤخذ بعين الإعتبار ، لأن المهم هو كيف نتوجه نحو منظومة تربوية و مدرسة تحضر للمواطن الجزائري المرجو .لأجل ذلك فالمقاربة يجب أن تكون علمية ،إجتماعية،تربوية لأن هذه المنظومة كما قلت آنفا كان يجب أن تكون محصلة كل العوامل السابقة ، و مبنية على أسس علمية صحيحة مستقاة من علم الإجتماع التربوي و علم الإجتماع المدرسي ،أي أن مخابر البحث العلمي و الرصد الإجتماعي و الجامعة عموما هي نواة هذا المشروع لأنه على إرتباط وثيق بمشروع المجتمع المنشود
بغض النظر على كل النعرات السياسية و السلطوية و صراع النخب و التيارات المختلفة ، فالإجماع الوطني حتى و إن كان في ظاهره متوجها نحو بناء الدولة المستقلة و المجتمع النهضوي الجديد ، إلا أنه سنوات فقط بعد الاستقلال سقط مشروع المنظومة التربوية في فخ التجاذبات ،سواءا نخبوية كانت أم سياسوية. مازاد الطين بلة هو تدخل أطراف لاشأن لها و لا تتوفر على أدنى خبرة علمية و تجربة مهنية في المجال التربوي ،التعليمي،المدرسي و هذا بفعل التراجع الرهيب لدور مخابر البحث العلمي الجامعة عموما، وبداية إتساع رقعة المقاربة الشعبوية على المقاربة العلمية ،التنويرية، العقلانية في التربية و التعليم
لقد أدى تنافر النخبة ،إلى رهن مستقبل أجيال بكاملها .وبعيدا عن لغة الشعارات و الخطابات السياسية العرجاء و الجوفاء التي تتغنى في كل مرة بالأصالة و الوطنية و العظمة ، بأسلوب مقيت و ممل حد الغثيان
فإن تجربة بناء مدرسة جزائرية و منظومة تربوية جزائرية قد شابتها خيبات كثيرة و لعل البعض لا يوافقني الرأي فالعديد من الكفاءات الجزائرية هي نتاج هذه المنظومة ،لكنها كذلك نتاج تلاحمهامع التجارب العلمية في بلدان المهجر
لا أريد أن أطيل عليكم في السرديات و الكرونولوجيات التاريخية لمنظومة تربوية و مدرسة كان يمكن أن تكون منارة للعلم و المواطنة الفعالة الذكية و ركيزة لمجتمع يؤمن بالعلم و ب "اقرأ"التي بني عليها دين الدولة و الغالبية الساحقة للمجتمع الجزائري
إن صراع النخب و تغييب دور المثقف و تشجيع دور الإداري المحدود تكوينا و تجربة على حساب أهل الاختصاص قد أدى بالمنظومة إلى أن تكون مرتعا لكل من هب و دب و ما آل إليه الوضع ينبؤنا بالمزيد من الخيبات المستقبلية
غياب النظرة العقلانية المبنية على أسس علمية ،قد أدى إلى بلورة مناهج تدريسية بعيدة كل البعد عن القيم الوطنية و الغايات العلمية و التنويرية للنهوض بالنشأ
قلة الإهتمام بدور المعلم و الإطار التربوي من الناحية العلمية و التكوينية أدى إلى تراجع دور المعلم بعد أن كان قدوة ، أصبح غير محمي من الناحية المهنية أضف لذلك الوضعية الإجتماعية المتدهورة لسلك المعلمين و الأساتذة في الأطوار الثلاثة الأولى
قلة الإهتمام بالمدرسة كمؤسسة تربوية تعليمية تنشيطية و غياب الأنشطة التكميلية كالنشاطات الثقافية و الفنية و الرياضية و ظهور نشاط مواز لدور المدرسة ألا و هو دروس الدعم من القطاع الخاص الذي أصبح نشاطا تجاريا محضا بدون أسس علمية و تربوية
غياب شبه كلي لجمعيات أولياء التلاميذ بفعل إستقالة الأولياء و بالتالي أصبحت المدرسة مكانا للتلقين السيء و إجترار المعلومات التي أتى عليها الزمن .هذا الغياب للأولياء و للمجتمع المدني أدى بالمدرسة لتكون عرضة لمخاطر إجتماعية و آفات تسللت إليها بفعل الخيبات و التراكمات السلبية
ظاهرة الاعتداء على الأساتذة و تنامي آفة العنف المدرسي بكل أشكاله ،تعاطي المخدرات و غيرها من المهلوسات ،الإختطاف،و آخرها ظاهرة الوخز بالإبر ،كلها عوامل تدل على أن المدرسة أصبحت دون دعم و غير محمية و عرضة لمخاطر قد تنسف بما تبقى لها من رسالة
غياب الشراكات بين المدرسة و المجتمع المدني بكل بنياته الهادفة لتنشيط هذا الفضاء عن طريق النوادي العلمية ،السياحية و البيئية. هو عامل آخر من عوامل الإستقالة الجماعية و الشرخ الكبير الحاصل بين المجتمع و المدرسة
كل هذه العوامل ساهمت في تحويل هذا الفضاء الذي كان بإمكانه أن يكون فضاءا علميا تنويريا إلى فضاء تتقاذفه الإديولوجيات و الشعبويات المختلفة مما أدى لتحويل "منظومتنا " و مدرستنا إلى مدرسة للفتوة و البلطجة
ما عليكم إلا التوجه لأقرب مدرسة ،لتلاحظوا الأمر خاصة على سلوك التلاميذ ،الذي يغلب عليه طابع العنف على حساب الكياسة و الإنضباط و النشاط الإيجابي .الأكيد أنه لا يجب أن نلقي باللوم على التلاميذ و النشأ فهو ضحية لهذا التوجه و لانسحاب الأسرة من تربية النشأ و إحاطته بوسائل التمكين الإجتماعي المهمة في التربية الأسرية
لا يمكن للوضعية الحالية إلا أن تزداد سوءا و ترهن ماتبقى من أمل لدى بعض من الكفاءات الوطنية .إن التوجه نحو التغطية على الوضعية بالخرجات الفلكلورية للمسؤولين و الإشهار لبرنامج المنح المدرسية و إعانات الدخول المدرسي التي لا تصل في و قتها إن و صلت أصلا و تضخيم النتائج في الإختبارات الرسمية و التباهي برقمنة المدرسة و بالتوجه نحو مدرسة ذكية هي أمور واهية لا سند علمي عقلاني و ميداني لها.
للخروج من هذه الوضعية المأساوية و بالنظر لغياب رؤية حقيقية لمثل هذه المنظومة فالأجدر التوجه نحو الطاقات الجامعية و الكوادر الجمعوية التي بإمكانها ممارسة الإبداع النضالي المسؤول و التأسيس لمبادرة و طنية جادة و مسؤولة ،فالجامعة و المجتمع المدني ورغم ضآلة الإمكانيات إلا أن شراكتهما في هذا المسعى يمكن أن تحدث الأثر ا لحميد على مستوى التوعية و التحسيس بضرورة النهوض بهذا القطاع ،مثل هذه الشراكة يمكن أن تؤسس لفكر جامع مانع يرمي لما يلي:
أولا: التوجه نحو شراكات بين الجامعة،المجتمع المدني و الهيئات الوصية كخطوة لإحداث التقارب و التشاور
ثانيا: التوافق على أرضية وطنية للنهوض بالمنظومة التربوية و المدرسة و هذا ب: تكثيف البحث و الإستشراف و تمويله.
تكوين كوادر المجتمع المدني و مرافقته في النشاطات و الخطوات الميدانية
التأسيس لثلاثية تشاورية و مستدامة مبنية على الأسس العلمية ،السياقات الإجتماعية و الثقافية السائدة
ثالثا: تكثيف الجهود للحد من العامل الإديولوجي و السياسوي في هذا التوافق الوطني
رابعا: التوجه نحو شبكات إقليمية و عالمية لإستقاء التجربة و الخبرة في ميدان الإصلاح التربوي و المدرسي
خامسا : التوجه نحو الإستثمار في المكتسبات الوطنية من تراث ،ثقافة تعدد لغوي و التفتح على العلوم بمقاربة عقلانية
سادسا: تعزيز دور المواطنة الفعالة و الذكية في التنمية الإجتماعية و في المنظومة التربوية قاطبة
سابعا: إعادة ربط المدرسة بالحياة و بالأسرة و المجتمع بطريقة تفاعلية و تعزيز دور جمعيات أولياء التلاميذ و إصلاح نظمها و إطعامها بتجارب من جمعيات و مؤسسات تشتغل على التنشيط العلمي و الإجتماعي
ثامنا:التأسيس لشراكات تفاعلية تعنى بالمدرسة و التربية ،تكون همزة وصل و ضغط إيجابي بين الهيئات الرسمية ،التوجهات الوطنية و الفعاليات على المستوى المحلي و الوطني لإحداث الإستدامة في الرؤية و المشورة
يتبع
2 هرطقات على أبواب الجامعة
هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
كلمات دليلية
التعليقات (0)
أخبار متعلقة
إقرأ أيضا
أحدث الموضوعات
جمعة, 03 مايو 2024
قرار جديد من وزارة التعليم الفلسطينية حول شهادات طلاب غزة جمعة, 03 مايو 2024
أول تعليق من حماس على استشهاد فلسطينيين في معتقلات الاحتلال جمعة, 03 مايو 2024
تركيا: أوقفنا التبادلات التجارية مع الاحتلال بشكل رسمي الأكثر قراءة
جمعة, 08 أكتوبر 2021
مصادر: إبراهيم منير يتخذ قرار بإيقاف ٦ من الشورى العام سبت, 18 سبتمبر 2021
د. أيمن منصور ندا يكتب : عندما تلقيت اتصالاً من الرئيس السيسي خميس, 30 سبتمبر 2021
طارق مهني يكتب : بزنس المعارضة - سبوبة الزنازين اثنين, 01 نوفمبر 2021
تقرير : كيف ساهم " أبو دية " عبر أذرعه المالية في تدجين المعارضة المصرية بالخارج جمعة, 28 مايو 2021
تعرف على مدينة المقاومة تحت أرض غزة ودورها في معركة سيف القدس تصريحات
جمعة, 26 أبريل 2024
تقرير: دفن أكثر من 20 فلسطينا أحياء في مجمع ناصر الطبي جمعة, 26 أبريل 2024
"حماس": ليكن يوم العمال العالمي صرخة بوجه العدوان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني خميس, 25 أبريل 2024
سموتريتش: حان الوقت لعودة الموساد إلى تصفية قادة حماس في العالم