عزات جمال يكتب: تصاعد الحالة الثورية يربك جيش الاحتلال

profile
عزات جمال كاتب فلسطيني
  • clock 2 مارس 2023, 11:47:39 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

لطالما كان هدوء الجبهات المحيطة بفلسطين خارجياً أو الساحات الفلسطينية داخلياً هو حاجة ملحة لكيان الاحتلال بالعموم ولجيش الاحتلال الإسرائيلي خصوصاً، حيث أنه يخدم صلب مشروع الاحتلال الذي يتضمن السعي المستمر لاستقدام المزيد من المستوطنين لهذا الكيان، لحشد أكبر تجمع بشري يهودي على هذه الأرض، مقابل سعيه الحثيث لمصادرة الأرض الفلسطينية والتضييق على السكان العرب لدفعهم للهجرة أو تجميعهم في كنتونات ومعازل بشرية كما يحدث في القدس والضفة منذ سنوات

كذلك يمنح الهدوء للجيش فرصة للتدريب والتطوير المستمر ومعالجة الثغرات في ظل غياب الاستنزاف والانشغال؛ بل إنه يتيح للجيش الفرصة لتنفيذ الهجمات الاستباقية ضد كل أعدائه المفترضين في المنطقة لإبقاء حالة الهدوء لأكبر فترة ممكنة، وفق نظرية المعركة بين الحروب التي أقرها جيش الاحتلال.

وقد راعت نظرية الأمن لدولة الاحتلال ذلك في كل جوانبها، ففيما يتعلق بالجيش وتفعليه، تم تقسيم مهامه على ثلاث أنواع من القوات وهي النظامية والقوة التي تؤدي خدمة إلزامية، وقوة الاحتياط التي تُستدعى للتدريب وفق خطط معدة أو للمواجهة إذا دعت الحاجة لذلك.

استمرار تصاعد الحالة الثورية والغضب الشعبي واتساع دائرته في مختلف محافظات الوطن وتزايد أعمال المقاومة المصاحبة له، جعلت الاحتلال مضطر للدفع بمزيد من القوات نحو أماكن المواجهة الساخنة

حتى بتنا نسمع بشكل مستمر عن وجود حاجة للمزيد من التعزيزات العسكرية سواء على صعيد الشرطة وحرس الحدود أو كتائب جيش الاحتلال النظامية التي زج بالكثير منها في مدن الضفة


ومع استمرار فشل جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية في القضاء على حالة الثورة المتصاعدة، أو وقف المقاومة وعملياتها التي باتت تحصد المزيد من المستوطنين قتلى وجرحى، على الرغم من كل الإجراءات الأمنية غير المسبوقة والتي شملت إطلاق عملية "كاسر الأمواج" في الضفة وعملية "السور الواقي2" الخاصة بالقدس، إضافة لتشديد الحصار على المدن والأحياء التي يتصاعد فيها الاشتباك في الضفة


وصولاً لممارسة ضغوط على السلطة الفلسطينية لتنفيذ الدور الأمني المتعلق بها والذي يتضمن ملاحقة عناصر المقاومة الفلسطينية وتجريدهم من السلاح، والقضاء على مظاهر الغضب الشعبي في الضفة.


إلا أن استمرار الفشل في محاصرة الحالة الثورية المتصاعدة منذ أشهر، أدت إلى إرباك واستنزاف لجيش الاحتلال وشرطته وسط تحذيرات من خطورة ذلك، ولعلنا نقف بشيء من التفصيل على بعض جوانب هذه الخطورة حسب المعطيات التالية :-


١_ يمتلك جيش الاحتلال عدد 45 كتيبة تتوزع في وقت الهدوء 15 في الخدمة و15 في التدريب و15 في الاحتياط؛ وفي ظل تصاعد الحالة الثورية رفع جيش الاحتلال عدد الكتائب في الضفة لوحدها لعدد 22 كتيبة، معززة بوحدات خاصة من الشرطة والاستخبارات.

٢_ استمرار الاستنفار وإشغال العدد الكبير من القوات يرهق هذه القوات ويعطل برامج التدريب وتحسين القدرات التي يضطر جيش الاحتلال إيقافها في ظل اتساع دائرة الاشتباك.

٣_ تفاقم أزمة الاحتياط التي يعاني منها أصلا جيش الاحتلال، سواء من حيث تعطل برنامج تدريبه الذي يتضمن عمل مستمر لرفع كفاءة هذه القوات لتكون قادرة على مجاراة القوات النظامية، أو فيما يتعلق باستخدامها الفعال في أي مواجهة واسعة أو متعددة الجبهات، حتى أن الشعور السائد اليوم لدى جنود وقادة قوات للاحتياط يتلخص بأنها ليست دون المستوى المطلوب.

٤_ حالة الاستنزاف الحالية في ظل تصاعد أشكال المقاومة المختلفة واتساع رقعتها من غزة حتى القدس والداخل، تجعل من جيش الاحتلال غير قادر على خوض حرب متعددة الجبهات.


كل ذلك وغيره يشير بوضوح لأهمية الحالة الثورية استراتيجيا للشعب الفلسطيني، فهي وحدها القادرة على رفع كلفة الاحتلال، واستنزاف مشروعه الذي يحتاج الأمن كمكون مهم لاستمراره وازدهاره، لقد منحت سنوات الهدوء والتعاون الأمني الاحتلال فرصة ذهبية للسيطرة على الضفة والقدس، بينما غادر المستوطنون غزة بفعل ضربات المقاومة؛ وحينما يفقد المستوطنون الشعور بالأمن في المستوطنات وعلى الطرق الالتفافية سيطرون للمغادرة نحو أماكن أكثر أمنا وهذا مكسب مرحلي يمكن لشعبنا أن يجنيه إذا ما استمر تصاعد المقاومة، في طريقنا للتخلص من الاحتلال عن كل أرضنا وهزيمة مشروعه الاستعماري.

التعليقات (0)