عماد الصابر يحقق في مذكرات جلال ندا : ( 2 ) تفاصيل (أكذوبة) الإخوان الكبري في (نكبة) 48

profile
عماد الصابر كاتب صحفي وشاعر مصري
  • clock 7 يوليو 2021, 10:20:14 م
  • eye 940
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

عماد الصابر يحقق في مذكرات جلال ندا : ( 2 ) تفاصيل (أكذوبة) الإخوان الكبري في (نكبة) 48

المواوي "إخواني" استخدم "التقية" وأنهك القوات المصرية لصالح الصهاينة

كان يعطى أمرا باحتلال محور ثم يلغيه و آخر بالهجوم على نقطة يعقبه  آخر بالانسحاب

اختلف مع البطل احمد عبد العزيز ومنعه من دخول القدس ولو كان الأخير إخوانيا ما حدث بينهما أي خلاف 

  صنعهم الإنجليز فلعبوا لصالح استمرار مصر تحت الإحتلال

نفذوا تعليمات السفارة البريطانية في القاهرة لهذا وجب منع الاستيلاء علي القدس حتي لا تفشل خطتهم  

أكذوبة الـ 10 آلاف متطوع مسلح استخدمها التنظيم لخداع العرب ليصبح القوة الوحيدة في مصر 

رئيس "مصر الفتاة" فضح البنا وكشف أكاذيب الجهاد الإخواني

الوثائق المصرية والأجنبية لم ترصد عمليات قتالية للإخوان في فلسطين

في الحلقة السابقة استعرضنا سريعا ما قاله جلال ندا عن اللواء المواوي، وعرضنا للحوار الذي دار بينهما ومنه استشفينا أن هناك خطأ ما في هذا الرجل، ومن ثم حاولنا التحقق من شخصيته، وهنا اكتشفنا انه كان منتميا للإخوان، وبالتالي قلنا أن هناك شكوكا تدور ليس حول الرجل فحسب، لكن حول دور الإخوان كله في هذه الحرب، لكن شيئا ما منحنا رغبة أكثر في التعمق في البحث حول دور الفصيل الإخواني في العمليات علي الأرض خاصة في ظل ما طبعوه من كتب تمجيدا في هذا الدور، الذي تخطي كل شيئ حتي أنهم جعلوا من البطل أحمد عبد العزيز واحدا منهم، بل أنه كان يقود فصائلهم في هذه الحرب، وأن القيادات في مصر هي التي انهزمت، وتمادوا في ذلك إلي أبعد مدي، وهو ما دفعنا لافتراض أسئلة أخفيناها ثم تركنا الإجابة عنها للتاريخ الذي فضحهم، بل ومن تضارب تأريخهم لهذه الحرب أيضا.اللاجئون في معسكرات الصهاينة

قلنا سابقا أن اللواء أحمد علي المواوي، قائد القوات أثناء المعارك رفض – كما قال اللواء رفعت وهبة – خطة البطل أحمد عبد العزيز بل واختلفا اختلافا شهد عليه أعضاء القيادة العامة وقتها، وهنا نتساءل : هل من أساليب الاخوان أن يختلف اثنان منهم علي شيئ؟ وكلنا يعلم أن العضو لا يتصرف إلا بأوامر مكتب الإرشاد، وهو أمر يحدث منذ تأسيس الجماعة عام 1928 ، إذن تصرف المواوي يمكن أن نرجعه إلي تعليمات صدرت من مكتب الإرشاد، وهي إجابة ستبدو ربما لياً للحقائق في نظر البعض، لكننا نطالبهم بالصبر حتي نتهي من سرد الأدلة علي ما نقول . 

اختلف عبد العزيز والمواوي وانتهي الخلاف إلي شيئين مختلفين حيث استشهد الأول في ظروف لا تزال غامضة حتي الان، فيما أثبتت الأحداث أن الثاني كان مخطئا، إلي الحد الذي يمكن معه القول أنه تسبب في الهزيمة، أما موضع الخلاف فكان الخطة التي اقترحها عبد العزيز وهي أن يتفادى كل المستوطنات والمستعمرات اليهودية المحصنة ويقوم بالسير من خلالها حتى يصل إلى "القدس" و"تل أبيب"، عبر حرب "عصابات"، وهو ما كانت تفعله معظم جيوش العالم فى ذلك الوقت، لتفادى المصاعب وتوفير الوقت والجهد للقوات حتى تصل إلى هدفها الرئيس. 

اللاجئون ..ذنبهم في رقاب الخونة

وبالفعل سار البطل أحمد عبد العزيز من رفح حتى "بئر سبع" إلى أن وصل إلى مدينة "الظاهرية" ومنها إلى "القدس"، وقام بتحرير بئر سبع والظاهرية والخليل ووقف علي أبواب القدس، بل وتفاوض مع العصابات الصهيونية علي طريقة خروجها خروجا آمنا من المدينة، ذلك في الوقت الذي كان المواوي مع القوات النظامية يحاصر مستوطنة "دانجور" و"كفر داروم" التى لم تستطع قواته إسقاطها حتى عرف بما فعله عبد العزيز ووصوله إلي القدس، وهنا أدرك قواده أن عبد العزيز كان صائبا وأصبح موقف المواوي كقائد عام بينهم سيئا، فترك المستوطنتين وأكمل طريقه إلى أن وصل إلى غزة، ولو كان تأخر قليلا لكان اليهود قد استولوا عليها بالكامل . 

اللواء المواوي الاخواني

المعارك أثبتت أن المواوي كان متخبطا في قراراته العسكرية، وكأنه كان مبرمجا علي هذه الأخطاء، ومنها ما رواه اللواء عبد المنعم خليل قائد الجيش الثاني الميداني في حرب أكتوبر في مذكراته، حيث قال :"مع يوم 19 مايو 1948 فوجئنا فى المعسكر بإشارة من قائد القوات فى فلسطين اللواء أحمد على المواوى يطلب فيها خرائط لفلسطين، وكنا يومئذ تحت الاحتلال الإنجليزى وكانت له قوات بالعريش ولها مخازن، وعن طريق التنسيق بين القيادة بالقاهرة والقوات الإنجليزية، توجهت إلى معسكرات الإنجليز بالعريش وطلبت الخرائط فسلمونى نحو 1000 خريطة، فأخذت سيارة لورى وأخذت مجموعة من الجنود وبعض ضباط الصف وذهبنا إلى غزة، وهناك وجدت القوات قد تحركت فى اتجاه دير سنيد، وهى مستعمرة يهودية شمال غزة، هاجمتها القوات المصرية صباح يوم 19 مايو.

ظللت أبحث عن أى شخص أعطيه الخرائط فلم أجد، حتى خرج على الصاغ صلاح سالم، فقال لى من الذى قال لك أننا نريد خرائط رجعها، فشعرت بالضيق ولم اقتنع بهذا الكلام، وتوجهت إلى المستعمرة، ثم انتظرت حتى يخرج أحد ويأخذ منى الخرائط لكن أحدا لم يأت فاضطررت إلى النوم بالسيارة حتى جاء الصباح وتسلموها أخيرا منى، علما بأنها لم تكن تتسم بالدقة، حيث إن بعض البلدات والمستعمرات لم تكن موقعة عليها، وعلق اللواء خليل علي شخصية القائد المواوي قائلا :" مع مرور الأيام  بدأنا نشعر بشىء من الضيق من ضعف قيادة المواوى، بسبب كثرة التردد والتضارب فى إعطاء الأوامر.. فكان يعطى أمرا باحتلال محور ثم يعيد القوات لأوضاعها قبل الاحتلال، ثم يعطى أمرا بالهجوم على نقطة ثم أمرا آخر بالانسحاب". 

في هذا يقول الدكتور شريف أمير، - متخصص في القانون الدولي والجغرافية السياسية للشرق الاوسط-، في كتابة باللغة الفرنسية بعنوان " التاريخ السري للإخوان المس" - : قالوا سوف نرسل 10 آلاف فرد للقتال وطلبوا التسليح وحصلوا عليه بالفعل من الداخلية وذهبوا إلي غزة، ولكن لم تطلق رصاصة واحدة، كل الوثائق المصرية والأجنبية لم ترصد عمليات قتالية لعناصر من الاخوان المسلمين"، ويصل الكاتب إلي أن هدفهم كان إنهاك الجيش المصري حتي يكونوا هم القوة الوحيدة المسلحة علي الساحة المصرية، فماذا كانت النتيجة؟ الهزيمة كما دونها التاريخ ويحمل أوزارها الواقع في الأرض المحتلة !!.  

الغريب أن نهج الإخوان وعملية الانضمام إليهم متدرجة ومعروفة، وهو ما يجعلنا نشك في إمكانية انضمام شخص ما إلي الجماعة بعد وصولة إلي رتبة اللواء وفي سن تخطي الخامسة والأربعين، ففي الدراسة التي تقدمت بها الباحثة هيام عبد الشافي أوردت خبر انضمام المواوي للإخوان علي لسان "عباس خليل السيسي" أحد قيادات الجماعة آنذاك، الذي قال :"بعد أن اعتزل الخدمةَ العسكرية: "التقى اللواء المواوي بالأستاذ مختار عبد العليم وأبدى رغبته في الانضمام للإخوان المسلمين، فأقام الإخوان بالإسكندرية حفلاً إسلاميًا رائعًا، ألقى فيه اللواء المواوي خطابًا بيَّن فيه أسباب تأثره بدعوة الإخوان بصفة عامة، وسبب انضمامه إلى الجماعة بصفة خاصة ". 

بعدها بدأ المواوي وكأنه يؤرخ لأكاذيب الإخوان وادعاءاتهم حول بطولاتهم في فلسطين، حيث توالت شهاداته عن ذلك الادعاء، ليس في الكتب فحسب بل تعدي الأمر إلي كونه أشهر شهودهم داخل المحاكم، ولعل أشهر قضية شهد فيها لصالحهم كانت "السيارة الجيب"، التي فضحت التنظيم الخاص الذي أنشأه حسن البنا، وكشفت بما احتوته من وثائق كيف يخططون لضرب اقتصاد البلاد وقتها، لكن تعالوا نطالع إحدي الفقرات التي وردت في تلك القضية، وأذكركم هنا أنه اختلف مع أحمد عبد العزيز حول استراتيجية الأخير في الحرب، وتحدثنا عن رفضه التام لدخول الجيوش النظامية حربا مع عصابات، .. المهم سُئل المواوي سؤالا فحواه :" هل استعان الجيش النظامي بالإخوان المسلمين في بعض العمليات الحربية أثناء الحرب كطلائع ودوريات وما إلى ذلك؟

ج: نعم، استعنا بالإخوان المسلمين، واستخدمناهم كقوة حقيقية تعمل على جانبنا الأيمن في الناحية الشرقية، وقد اشترك هؤلاء المتطوعون من الإخوان في كثير من المواقع أثناء الحرب في فلسطين، وبالطبع إننا ننتفع بمثل هؤلاء في مثل هذه الظروف.

س: هل كلفتم المتطوعين بعمل عسكري خاص عند مهاجمتكم العسلوج؟!

ج: نعم، والعسلوج هذه بلد تقع على الطريق الشرقي، واستولى عليها اليهود أول يوم الهدنة، ولهذا البلد أهمية كبيرة جدًا بالنسبة لخطوط المواصلات، وكانت رئاسة الجيش تهتم كل الاهتمام باسترجاع هذا البلد، حتى إن رئيس هيئة أركان الحرب أرسل إليَّ إشارةً هامةً يقول فيها: لابد من استرجاع هذا البلد بالهجوم عليها من كلا الطرفين من الجانبين، فكلفت المرحوم أحمد عبد العزيز بإرسال قوة من الشرق من المتطوعين وكانت صغيرة بقيادة ملازم، وأرسلت قوةً كبيرةً من الغرب، تعاونها جميع الأسلحة، ولكن القوة الصغيرة هي التي تمكَّنت من دخول القرية والاستيلاء عليها.

س: هل تعرف عدد المتطوعين من الإخوان؟!

ج: بلغ عدد المتطوعين من الإخوان وغيرهم عشرة آلاف.

أما القضية ذاتها فكانت عندما تم القبض على خلية إخوانية وهم فى سيارة «جيب» يحملون مفرقعات وخططاً لحرق القاهرة، وبدأت النيابة العامة فى التحقيق فى هذه القضية التى عُرفت بقضية السيارة الجيب، ولأن القضية كانت بمثابة مسمار فى نعش الجماعة فى هذا العهد لذلك حاولت الجماعة التخلص من أدلتها، فتحرك النظام الخاص وقام بمحاولة لتفجير المحكمة التى يوجد بها ملف القضية، وانكشف الأمر أمام جهات التحقيق والرأى العام، وأمام هذه المشكلة الكبيرة قام حسن البنا بإصدار بيان يتبرأ فيه ممن قاموا بهذا الفعل وقال فى بيانه عنهم إنهم "ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين"، وعندما وصل خبر هذا البيان للإخوانى الذى قتل محمود فهمى النقراشى، رئيس وزراء مصر، ما كان منه إلا أن بادر إلى الاعتراف الكامل بجريمته وبالمحرضين والمساهمين والمشتركين معه. حسن البنا    

 فيما كان الرقم 10000 هو ما روج له الاخوان طوال تاريخهم منذ انتهاء الحرب وحتي الان، ولعل أبرز من هاجمهم وفضحهم هو رئيس حزب مصر الفتاة احمد حسين الذي نشر في  12 يناير 1948 في جريدة مصر الفتاة مقالاً له بعنوان:" " أيها اليهود انتظروا قليلا فإن كتائب الشيخ حسن البنا ستتأخر بعض الوقت" قال فيه : طالما أذاع الشيخ البنا عن كتائبه التى تبلغ عشرات الألوف، وأنها مزودة بالأسلحة والمعدات، وأنه اختارها من بين الملايين الذين يدينون للشيخ بالطاعة والولاء، وبدأت مشكلة فلسطين تتخذ دوراً خطيراً فى مرحلتها الأخيرة، فسارع فى إرسال البرقيات لمفتى فلسطين والجامعة العربية ورجال فلسطين وإلى جميع الدول والهيئات الدولية وإلى كل من هب ودب.  

عبدالناصر كان عضوا في مصر الفتاه

 واطمأن العرب أن جيوش الشيخ البنا سترهب الصهاينة وأنصارهم، والدول التى تؤازرهم، وصدر قرار هيئة الأمم بتقسيم فلسطين، وأصبح لا مجال للحديث، وسكت القلم وانتظرنا السيوف أن تتكلم وأن تعمل، فتطيح بالرقاب، رقاب الأعداء الكفرة من الصهاينة وأنصارهم، وأعلن الشيخ البنا عن كتيبته الأولى التى تبلغ عشرة آلاف وأنه قد تم تجهيزها وإعدادها وأنه يعمل الآن فى تجهيز كتيبتين أخريين لتلحقا بالكتيبة الأولى وتلحق بذلك جحافل الكتائب، ونشر الشيخ البنا خطاباً من أحد الأعضاء بالعريش يلح فى رجاء ولى الله أن يباركه ويرسله فى السرية الأولى ونشر خمسمائة اسم .. ثم ماذا؟ ثم لا شيء، إن الأمور تتضح وتظهر على حقيقتها، وإذا المسألة دائماً كما يعرف الشيخ البنا وأتباعه ليست إلا دجلاً وشعوذة وضحك على عقول المصريين وغيرهم ممن يأملون شيئاً من الخير من الشيخ وأعوانه.

كفى تهريجاً يا شيخ حسن وكُن صادقاً ولو لمرة واحدة فى حياتك، ولتعمل أنت وأتباعك على تنفيذ شعاركم الذى تقولون فيه أن الموت فى سبيل الله أحلى أمانينا، فإن ميدان الجهاد والشرف مفتوح للجميع، وطريق السفر براً وبحراً وجواً لم يغلق دون أحد من الناس الذين يريدون العمل فعلاً وها هو أحمد حسين يشترك بنفسه فى معارك فلسطين ويدك حصون الاستعمار ويقاتل فى سبيل الله، وها هي كتيبة الشهيد العظيم "مصطفى الوكيل" تسير إلى ميدان القتال.

فماذا فعلت أنت يا شيخ حسن البنا؟

وماذا فعلت جماعتك؟

هكذا كتب واستمر فيما بعد في حملته ضد حسن البنا وجماعة الإخوان وأثبت أن كل رواياتهم عن معاركهم فى فلسطين من وحى الخيال وأنهم لم يقدموا شهيداً واحداً ولم يطلقوا رصاصة ولم يريقوا قطرة دماء واحدة، وأن كل جهادهم هو نسج الروايات وإلقاء الخطب الحماسية والوعظ والإرشاد والدعوة للجهاد بالكلام فقط". 

أحمد حسين رئيس مصر الفتاة

فيما تعرض وثيقة من ملفات البوليس السياسي المصري، صادرة بتاريخ 28 فبراير 1948، وردت في كتاب " الإخوان في ملفات البوليس السياسي – لشريف عارف " ، تمثل عرضا لتقرير سري أعده قسم الدعاية الشيوعية التابع للمفوضية الروسية التي كانت تعمل في مصر، ومما جاء فيها :" إن الخلايا الشيوعية في القطر المصري تراقب حاليا نشاط الإخوان المسلمين بدقة وقد ثبت من التقارير التي قدمتها بعض الخلايا إن شُعَب الإخوان بدأت تتسلح بطريقة داخلية بحته تحت أنظار رجال الادارة، وأن أسلحة كثيرة يحتفظ بها أفراد هذه الشُّعب تحت أيديهم منتظرين الفرصة المناسبة للقيام ضد العناصر الأخرى، حكومية كانت أو غير حكومية!!

 وأوضح أغلب المسئولين أن هناك اتصالات كثيرة بين الاخوان ونواب مكتب الارشاد المنتدبين لبعض المناطق الاخوانية تمت تنفيذا لتعليمات مندوبى السفارة البريطانية وذلك لإحداث نوع من الشغب الداخلى بين أفراد الأمة وتهيئة الجو لقبول بعض المبادي الثورية الشاذة ضد النظام الحالي وعدم تمكين العناصر الشيوعية من التغلغل في الوصول الى نتائج تساعدهم على النجاح" . 

الوثيقة التي أوردها شريف عارف، جعلتنا نعود بالذاكره إلي ما كُتِب عن نشأة الجماعة من رحم الاحتلال الانجليزي، ولعل القارئ الكريم يتذكر ما كتب عن مبلغ ال 500 جنيه استرليني التي مثلت مهد النشأة في الإسماعيلية، التي كان اختيارها لينشأ المولود القبيح بجوار الأم في معسكرات الإحتلال بمنطقة القناة، كذلك لابد من تذكر ما كتبه المؤرخون حول أن الحرب العربية في فلسطين وتدخل القوات النظامية، كانت هدفا انجليزيا نَصَّه هزيمة الجيش المصري ومن ثم تتكون ذريعة استمرار الاحتلال في التواجد في مصر بهدف حماية قناة السويس، بحجة عدم قدرة الجيش المصري المهزوم علي حمايتها .

إذن هناك سرٌ في الأمر فالقائد العام للقوات المصرية في فلسطين، لم يكن يستطيع الخروج عن توجهات مكتب الإرشاد الذي لا يستطيع مخالفة الأوامر الصادرة إليه من أولياء النعمة الراغبين في الاستمرار في احتلال قناة السويس، كما لم يكن ممكنا الإبقاء علي البطل أحمد عبد العزيز حيا فتتمكن قواته من دخول القدس، ومن ثم لا تستطيع انجلترا وأعوانها ترك ذلك يحدث، فتنهار القضية الفلسطينية من أساسها ويصبح التفاوض بين العرب واليهود من موقع قوة، فلا تتمكن من خلالها الدولة الصهيونية من العيش بسلام، ولا تتمكن الجماعة من ادعاء الجهاد طيلة تلك السنين قبل أن تنكشف مؤخرا بعد أن ظهرت كتب ألفها بعض الذين خرجوا عليها ليكشفوا حقيقتها !. 

حيث يؤكد كتاب التاريخ السري للإخوان المسلمين أن الناتج النهائي لما نحن بصدده هو إنَّ مِن سياسات جماعة الإخوان الدعائية – منذ تأسيس الجماعة – استخدام قضية فلسطين لاستعطاف المسلمين، وحشد المزيد مِن الأتباع البسطاء، وجمع المبالغ الطائلة مِن الأموال مِن المحسنين، وتكديسها بإسم الجهاد، والتبرع للمحتاجين في فلسطين، والحقيقة أنَّ الإخوان على خلاف ما يدَّعون في ذلك أيضاً، فجهادهم المزعوم ليس سوي "جهاد إخواني" لصالح الجماعة وسياساتها الحزبية الدنيوية .

ذلك ما شهد بعض الباحثين والمؤرخين على جماعة الإخوان من خلال حقائق – فاضحة – في باب المال وجمعه، وغش المسلمين في ذلك وخداعهم واستباحة سلب أموالهم، تحت شعارات مثل : التبرع مِن أجل المستضعفين في "فلسطين"، ومثل : مِن أجل إنقاذ "الأقصى" وتحريره، إلى غير ذلك مِن الشعارات الوهمية، التي يستبيحون بها جمع الأموال مِن المحسنين، وهم كاذبون متلاعبون في ذلك بعواطف الناس .

ومن هؤلاء الذين شهدوا على الجماعة في هذا الجانب القيادي السابق علي عشماوي، فكشف أساليبها وانتهازيتها في ذلك بعبارات موجزة صريحة ، مشبهاً الجماعة في ذلك بالتنظيمات والحركات "الباطنية" القديمة، قائلاً عن ذلك : " أتتهم الفرصة للمزايدة على الجميع في موضوع الأقصى، إنَّهم يطالبون بفتح باب التطوع لإنقاذ الأقصى! وما أشبه الليلة بالبارحة، ففتحُ باب التطوع يعني فتحَ معسكرات التدريب، ومعناه فتح باب التبرع لجمع المال مِن جديد، ثم شراء السلاح وتخزينه لحسابهم، فتتكدس خزانتهم بالأموال مِن تبرعات المسلمين مِن كل الدول الإسلامية! .. ليتكرر ما حدث سنة 1948 وأكثر بكثير! 

حسن البنا ذهب لغزة لالتقاط الصور

فهذه المرة عندهم التجربة السابقة بسلبياتها وإيجابياتها، وهم هذه المرة لن يتركوا الفرصة السانحة تمر، المهم انتهاز جميع الفرص الممكنة لإحداث الفوضى وإثارة البلبلة، ومِن ثمَّ النفاذ إلى هدفهم وهو إحكام السيطرة على مقدرات هذا البلد. 

وقال كاشفاً حقيقة تفاخر الإخوان بمشاركتهم في حرب فلسطين :" إنَّ جميع الأعمال الكبرى التي يتفاخر بها الإخوان في تاريخهم تمَّ تفريغها مِن نتائجها ! فمثلاً حرب فلسطين التي يفخر بها الإخوان باستمرار، فإنَّهم لم يدخلوا إلَّا معارك قليلة جداً فيها!، ثم صدرت الأوامر مِن الشيخ محمد فرغلي بعدم الدخول في معارك، بحجة أنَّ هناك مؤامرة لتصفية المجاهدين ! ولكن الحقيقة أن هذا الأمر كان لحماية اليهود مِن إحدى القوى الخطيرة إذا استعملت، وتم تنفيذ الأوامر وظل الإخوان في معسكرهم لا يحاربون إلى أن عادوا مِن فلسطين"، أليس ما قاله عشماوي تأكيدا لما توصلنا إليه من خلال تحقيقنا للسبب الرئيسي لقبول اللواء احمد المواوي للهدنة التي لم يفلح جيش عربي في الفوز بعدها في معركة واحدة؟ .

التعليقات (0)