مجدي الحداد يكتب: المعايير الاستعمارية المزدوجة بين عدم الاعتراف بانقلاب والترحيب بأخر

profile
مجدي الحداد كاتب ومحلل سياسي
  • clock 3 أغسطس 2023, 1:44:24 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

يمكن تلمس تلك المعايير المزدوجة الفجة العمياء و الظالمة ، التي تتعامل بها الدول الاستعمارية السابقة مع مستعمراتها السابقة ، وبغض النظر هنا حتى عن المصالح المشتركة بين الطرفين ، وفي الاتجاهين ، وليس في اتجاه واحد ، وفي صالح طرف دون الأخر .


فإذا حدث انقلاب عسكري عميل موالي للاستعمار السابق وغيره من قوى استعمارية ، فيُرحب به و يعترف به فورا ، طالما لن يحول دون استنزاف ثروات وموارد هذه الدولة أو تلك من قبل هذا الاستعمار السابق أو ذاك ، أما لو حدث انقلاب عسكري موالي ومعبر عن رغبات شعبية حقيقية ، فسوف يتم محاربته وحصاره ولن يتم الاعتراف به .


فرنسا تريد أن تحصل على اليورانيوم مجانا تقريبا من النيجر ، وحيث يعد أغلى أنواع المعادن المشعة تقريبا ، و تحصل فرنسا من النيجر على 35% من احتياجاتها منه ، والذي أنتجت منه النيجر حوالي 110 طن . ومع ذلك فتصنفها الأمم المتحدة بأنها من أفقر دول العالم !


ما هذا الظلم ، وفرض الفقر على شعوب و أمم بعينها ؟!


وعندما ينتفض حكم وطني وينقلب على رئيس عميل لوقف هذا النزيف فمن الطبيعي إذن أن لا تعترف به فرنسا وتحاول أن تتدخل عسكريا لفرض الرئيس العميل ، الذي يسمح بتدفق اليورانيوم مجانا لفرنسا . 


كان من شبه العدل أن تقيم فرنسا محطة نووية تعمل باليورانيوم النيجري لتوليد الطاقة الكهربائية ، وذلك مقابل بعض ما تحصل عليه من اليورانيوم النيجري ، وبدلا من أن تستورد النيجر من نيجيريا 70% من احتياجاتها من الكهرباء ، ثن تقوم الأخيرة - و غالبا بتحريض فرنسي -  بقطع الكهرباء عن النيجر احتجاجا على الانقلاب العسكري . 


وما تقوم به أنظمة دول غرب أفريقيا من فرض حصار على النيجر ، فذلك إذن بموجب ضغط و تحريض ،  و كذا دعم فرنسي - عسكري ، ولوجيستي ؛ و إذا لزم الأمر - لهذه الدول . وذلك لأن جل أنظمة تلك الدول - إن لم يكن كلها - لا تزال مدينة بوجودها وبقائها لهذا الاستعمار أو ذاك .


إذن فالقاعدة الثابتة هنا : " أن من يفرط من أنظمة - أفريقية بالذات - في ثروات ومقدرات وجزر و أراضي بلاده - ويا حبذا لو اشتري منا ، وبما لديه من فائض دولاري أسلحة خردة ، أو طائرات رافال منزوعة الصلاحية ، أو أسطول طائرات رئاسية لا يقل عن 6 طائرات ،  حتى ولو أفقر شعبه أو سرقه ونهبه أو حتى قتله و أخفاه قسريا ، فسوف نرحب به و ندعمه و نقف بجانبه سواء كان منقلبا أو منتخبا . ومن يفعل غير ذلك فلن نعترف به وسنحاربه و نحاصره حتى من قبل دول أفريقية شقيقة ، أو صديقة ، أو جارة له ، و سواء كان منقلبا أو منتخبا .


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)