- ℃ 11 تركيا
- 5 مايو 2024
مجدي الحداد يكتب: بين الثقافة النظرية الوصفية و التطبيقات العلمية العملية
مجدي الحداد يكتب: بين الثقافة النظرية الوصفية و التطبيقات العلمية العملية
- 23 يوليو 2023, 2:46:29 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يوما بعد يوم تكتشف حتى أن الثقافة ــ بعضها ــ كانت " مغشوشة " هي الأخرى ، ومقدمة للجماهير في قالب مزور ، وفي أفضل الأحوال كاذب ومدلس .
وعلى غرار تزوير التاريخ ، فكان يجب تطويع الثقافة لكي تتماشى مع هذا النوع من التزوير ، ما يعني تقديم ليس فقط ثقافة مزورة ، ولكن أيضا مغشوشة مدلسة ، أو ممسوخة .
أفضل ما قدمته دولة الكويت الشقيقة للأمة العربية ، وكانت رائدة في ذلك ، في حقيقة الأمر ، هي كل من مجلة العربي ، وعالم المعرفة ــ وتبعها بعدئذ مطبوعات عديدة منها عالم الفكر ، و غيرها ــ و قد اقتفت أثرها بعدئذ كل من قطر والسعودية ، فأصدرا على التوالي مجلات ؛ الدوحة ، والأمة ، والفيصل .
ولكن كان يبدو لي دائما أن الثقافة العربية تهتم عموما بالجانب الوصفي ، ولدرجة الاستغراق فيه ، و أكثر كثيرا ــ وفي أحايين كثيرة ــ من الجانب الموضوعي ، ما يسمها ، في نهاية المطاف بما يمكن أن نسميه ب ؛ " الثقافة ، أو المعرفة ، الوصفية " .
يعني مثلا كأن تهتم بالحياة الخاصة لنيوتن ، أو أديسون ، وترتيبه بين اشقائه في العائلة ، وحياته الاجتماعية ، والدينية ، وهل كان كاثوليكي ، أو بروتستانتي ، أو ملحد . وثروته التي كونها من اختراعاته ، و الحروب التي خاضها مع تيسلا ، لكنها لا تكلمنا ــ أي الثقافة العربية ــ مثلا عن إختراع واحد لأديسون يمكن إجراءه تطبيقيا في معمل المدرسة .
وهذا ينقلنا بدوره إلى الدرجة الثانية من المعرفة الوصفية ، وهي الولع بكل ما هو نظري ــ لأسباب عديدة لا يسع المقام ، أو هذا المقال لسردها ، ، وتناولها بالشرح و التحليل ــ على حساب كل ما هو تطبيقي .
والدرجة الثالثة والأخيرة ، ومن وجهة نظري المتواضعة ، للثقافة الوصفية ، هو الانتصار لشخص معين ، أو فريق من الفرق دون مسوغ عملي ، أو نظري ، أو حتى أخلاقي .
ودعونا نضرب مثلا واحد على تلك الدرجة الثالثة من الثقافة ، أو المعرفة ، الوصفية ؛ كالانتصار مثلا لفولتير ، والذي عُرف في ثقافتنا العربية بدفاعه عن الحريات المدنية ، و خاصة حرية العقيدة ، والمساواة ، وكرامة الإنسان ، وذلك على حساب جان جاك روسو ، والذي واجه صعوبات اجتماعية في طفولته ، وعدم توافق فكري ، مع معاصريه في الكبر ، وحتى طريقة تفكيره .
فكلنا نتذكر ، كما نردد أحيانا مقولة شهيرة لفولتير ــ للحد الذي ربما جعلنا نؤمن بعدم وجود فيلسوف غيره من فلاسفة عصر التنوير يستحق حتى أن نقرأ له ــ وهو قوله : " قد اختلف معك بالرأي ولكني مستعد أن أدفع حياتي ثمنا لحقك في التعبير عن رأيك " .
لكن هل كان أحد يعلم قوله : " إننا لم ندّعِ أبدا تنوير صناع الأحذية والخادمات "؟ . وقد مدح فولتير ــ والمناصر للحريات ! ــ قطع امبراطور روسيا الأسبق ؛ بطرس الأكبر رؤوس الكثير من حرس قصره المتمردين بقوله انه وجه ضربة قوية للتعصب الديني " . كما حث فولتير إمبراطورة روسيا كاترين على تلقين التنوير الأوربي للبولنديين والأتراك بفوهات البنادق . كما حث كاترين على تعلم اليونانية ، وذلك عندما كانت تستتعد للحرب ضد الامبراطورية العثمانية مضيفا : " انه من الضروري طرد اللغة التركية وكل من يتكلمون بها من القارة الأوربية " ــ وهذا ربما يفسر الجذور التاريخية لرفض المنظومة الأوربية انضمام تركيا للاتحاد الأوربي من جهة ، وكذا العداء التاريخي بين اليونان وتركيا من جهة أخرى .
كما شهر فولتير بروسو ورأي فيه متشردا يرغب في رؤية الفقير يسرق الغني ".
وكان فولتير ضد الثورة ، وكان مؤيدا لأي نظام ملكي يُحيد الأرستقراطيين ورجال الكنيسة ، ويفسح المجال لأمثاله .
والمدهش انه عند موت فولتير في عام 1878 اتضح انه كان أغنى أفراد العامة في أوروبا كلها !***
بينما أعتقد روسو من ناحية أخرى أن الحرية ليست كامنة بالضرورة في نمط حكم معين ، بل مكانها قلب الرجل الخير ، واعتبر كاترين ، وبعد تقسيمها لبولندا ، معتدية وجبارة . كما كان روسو ، أبا ، أو منظرا ، وناصرا ، ومؤيدا للثورة الفرنسية ذاتها ."*
تلك إذن مجرد رؤية ذاتية لحال الثقافة العربية منذ سبعينات القرن الماضي ــ وحتى وقتنا الحالي ، فإن أصبت فلي أجران ، وإن أخطأت فلي أجر الاجتهاد .
__________________________________________________
* " زمن الغضب ــ تأريخ الحاضر " . تأليف : بانكاج مشيرا ، ترجمة معاوية سعدوني ؛ عالم المعرفة ؛ العدد 505 ، إبريل 2023 .
هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
كلمات دليلية
التعليقات (0)
أخبار متعلقة
إقرأ أيضا
أحدث الموضوعات
أحد, 05 مايو 2024
السماق يعالج السمنة وارتفاع السكر في الدم.. فما هو؟ أحد, 05 مايو 2024
وفد حركة حماس يغادر القاهرة للتشاور مع القيادة أحد, 05 مايو 2024
لم يفعلها العرب| كولومبيا نموذجا.. هكذا دعمت قارة أمريكا اللاتينية غزة الأكثر قراءة
جمعة, 08 أكتوبر 2021
مصادر: إبراهيم منير يتخذ قرار بإيقاف ٦ من الشورى العام سبت, 18 سبتمبر 2021
د. أيمن منصور ندا يكتب : عندما تلقيت اتصالاً من الرئيس السيسي خميس, 30 سبتمبر 2021
طارق مهني يكتب : بزنس المعارضة - سبوبة الزنازين اثنين, 01 نوفمبر 2021
تقرير : كيف ساهم " أبو دية " عبر أذرعه المالية في تدجين المعارضة المصرية بالخارج جمعة, 28 مايو 2021
تعرف على مدينة المقاومة تحت أرض غزة ودورها في معركة سيف القدس هُن
خميس, 08 فبراير 2024
دراسة طبية: مادة لتغليف المواد الغذائية السبب في زيادة الولادات المبكرة جمعة, 19 يناير 2024
عجائب عبدالقدوس: حكاية أهديها إلى المضربة عن الزواج!! ثلاثاء, 19 ديسمبر 2023
نهله الدراجي تكتب: يا صغيرتي