محمد عايش يكتب: المسلمون في الغرب وآفاق التأثير في العالم

profile
  • clock 28 مارس 2023, 3:11:22 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

قبل عشرين عاماً فقط من الآن كان من النادر أن يجد المسلمون الذين يقيمون في لندن، أو أي مدينة أوروبية رئيسية أخرى «اللحوم الحلال» في المتاجر الكبرى، والمطاعم الشهيرة، وكان المسلمون الراغبون بالالتزام بأحكام الشريعة يلجؤون إلى تناول الطعام النباتي في كثير من الأحيان، أو يأخذون بالفتوى التي تجيز التسمية على الطعام قبل أكله مباشرة، بسبب أنه كان من النادر توافر لحوم ودواجن مذبوحة وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.
اليوم يكاد لا يخلو شارع في لندن أو أي مدينة أوروبية مهمة مثل باريس وروما وفرانكفورت وبرلين من مطعم يبيع الأكل الحلال، كما يكاد لا يوجد أي سوبر ماركت أو سوق كبير إلا وفيه ركن للطعام الحلال، بل في السنوات الأخيرة أصبحت الشركات ومحلات السوبر ماركت تتعامل مع شهر رمضان على أنه موسم عام للتسوق، وأصبحت تتسابق على توفير المنتجات التي يطلبها المسلمون خلال الشهر الفضيل، مثل التمور والعصائر وبعض المأكولات التي اعتاد العربُ والمسلمون على تناولها خلال شهر رمضان، وصولاً إلى الفوانيس والزينة والعديد من السلع ذات الملامح الرمضانية.

الجاليات العربية والمسلمة المقيمة في الدول الغربية مطالبة بالعمل أكثر من أجل تنمية بلدانها الأصلية، وعدم التعامل مع تلك البلدان على أنها سفينة تغرق

ثمة تحول كبير شهدته وتشهده أوروبا والولايات المتحدة، حيث أصبح المسلمون خلال العقدين الأخيرين، أو حتى العقود الثلاثة، جزءاً لا يتجزأ من النسيج العام لهذه البلاد ومكونا أساسيا من مكونات مجتمعاتها، وبات من غير الممكن تجاهلهم أو تجاوزهم، على الرغم من أنهم ما زالوا أقلية، إذ في بريطانيا مثلاً لا تتجاوز نسبتهم الـ13% من إجمالي عدد السكان بمن فيهم عدد كبير من اللاجئين أو المهاجرين أو المقيمين والطلاب من غير المواطنين. المسلمون والعرب المهاجرون أصبحوا أكثر اندماجاً في السنوات الأخيرة بالمجتمعات التي يعيشون فيها، ربما بسبب تدهور الأوضاع في بلدانهم الأصلية، ما جعلهم يفقدون الأمل في العودة إليها، وبالتالي أصبحوا أكثر التفاتاً للاندماج في البلدان التي احتضنتهم وقدمت لهم ما كانوا يفتقدونه في بلادهم. وبغض النظر عن السبب فالمؤكد أنهم أصبحوا أكثر اندماجاً وتعايشاً ويلعبون دوراً مهماً في الدول التي انتقلوا اليها، سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة.
في بريطانيا يتولى مهمة «عمدة لندن» مسلم من أصول باكستانية، وهو منصب سياسي رفيع ومهم (ليس رئيس بلدية بالمفهوم المعروف في الدول العربية)، إذ من المهم الاشارة إلى أن رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون كان قبل سنوات قليلة من توليه رئاسة الحكومة يشغل منصب «عمدة لندن»، وكان وجوده في ذلك المنصب هو بداية صعوده السياسي الكبير. ولا يتوقف الأمر عند عمدة لندن، بل العديد من أعضاء البرلمان البريطاني والبرلمانات الأوروبية والكونغرس الأمريكي والبرلمانات المحلية في الولايات المتحدة مسلمون وعرب مهاجرون سرعان ما أصبحوا في مناصب مهمة، وأصبحوا مؤثرين في هذه الدول. المؤكد أن الدول الغربية تشهد تحولات مهمة تجاه المسلمين الذين أصبحوا جزءاً لا يتجزأ من نسيجها ومكوناً رئيسياً من مكوناتها، لكن المهم في هذا المجال هو أن العرب والمسلمين المهاجرين يجب أن يكونوا أكثر تأثيراً مما هم عليه الآن، وحتى يتحقق ذلك يتوجب على الجاليات العربية والمسلمة من مواطني هذه الدول أن تتحد في ما بينها وأن تنسق جهودها حتى لا يصبح هذا الوجود وهذا التأثير مجرد أعمال فردية مترامية محدودة الفائدة.
الأمر الآخر المهم، هو أن الجاليات العربية والمسلمة المقيمة في الدول الغربية مطالبة بالعمل أكثر من أجل تنمية بلدانها الأصلية، وعدم التعامل مع تلك البلدان على أنها سفينة تغرق، ونحمد الله على القفز منها والسلامة بمغادرتها، بل ثمة ملايين من الناس في تلك الدول العربية يعانون من أزمات مختلفة ومتلاحقة ويتوجب العمل على دعمهم.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)