مع الخليج والغرب.. هل تستمر دبلوماسية أردوغان الاقتصادية؟

profile
  • clock 22 يوليو 2023, 3:33:27 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تساءل المحلل السياسي التركي سميح إديز إن كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيستمر في ما أسماها "الدبلوماسية الاقتصادية" تجاه دول الخليج العربي والقوى الغربية، وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بعد خلافات خيمت على علاقات أنقرة مع الطرفين.

إديز تابع، في تحليل بموقع "المونيتور" الأمريكي (Al Monitor)، أن "تواصل أردوغان مع القادة العرب بعد خلافات سابقة، ومحاولاته لإصلاح العلاقات مع العواصم الغربية التي انتقدها بشدة في الماضي، يمثل تحولا كبيرا في السياسة الخارجية التركية بعد الانتخابات العامة في مايو/ أيار الماضي".

وأردف: "على الرغم من عدم ارتياح جميع أتباع الرئيس أو شركاء التحالف الإسلاميين لهذا التحول، إلا أن العديد من المراقبين الخارجيين يرحبون بالدفعة الجديدة (لعلاقات تركيا)، بينما يظلون متشككين بشأن استدامتها".

واعتبر دبلوماسيون مخضرمون ومحللون سياسيون أن محاولة "أسلمة" السياسة الخارجية التركية "جاءت بتكلفة عالية"، بحسب إديز الذي أضاف أن "قرار أردوغان غير المتوقع بدعم عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وجولته لدول الخليج (بين الإثنين والأربعاء الماضيين) هي نتاج ملموس للتغيير الذي أدخله حيز التنفيذ".

وأردف أن "أردوغان حصل على تفويض قوي لإدارة البلاد للسنوات الخمس المقبلة في الانتخابات الرئاسية في 28 مايو (أيار الماضي)، لكنه يواجه مشاكل مستعصية في الداخل، خاصة على الصعيد الاقتصادي، وجعلت الزلازل المدمرة في فبراير (شباط الماضي) الأمور أسوأ".

و"أردوغان يحاول الآن إنقاذ الاقتصاد، الذي سقط بشكل كبير بسبب سياساته، بأموال من الخارج. هذا هو المنطق وراء زياراته للسعودية وقطر والإمارات (الأسبوع الماضي)"، بحسب البروفيسور إيلتر توران من جامعة بيلجي بإسطنبول.

وأضاف توران أن "أردوغان يأمل أن تشهد العلاقات المحسّنة مع هذه الدول استئناف تدفقات رأس المال وتخفيف حاجة تركيا إلى العملة الصعبة"، لكن "الاستثمار الخليجي يعني عادة شراء الشركات الراسخة التي توفر عوائد عالية بدلا من بناء مصانع جديدة، والمدخلات التي لا تزيد عن تحويلات نقدية مقابل شراء مؤسسات قائمة قد لا تؤدي إلى اقتصاد أكثر إنتاجية".

و"أثناء وبعد الربيع العربي لعام 2011، كان حلم أردوغان هو جعل تركيا الدولة الإقليمية الرائدة بمجرد سيطرة الإسلام السياسي على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لكن الأنظمة العربية القائمة حافظت على النظام الإقليمي، مما أدى إلى عقد من العلاقات الفاترة (مع أنقرة)"، بحسب إديز.

وزاد بأن "الدوائر الحكومية التركية اتهمت الإمارات بتمويل محاولة الانقلاب الفاشلة ضد أردوغان عام 2016، كما توترت العلاقات بين أنقرة والرياض بعد مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي (داخل قنصلية بلاده) في إسطنبول (عام 2018)".

ووفقا لتوران، هذا هو التاريخ كله الآن، مضيفا: "انتهى دعم (أنقرة لجماعة) الإخوان المسلمين (التي لعبت دورا بازا في ثورات الربيع العربي)، وتركيا بحاجة إلى أموال تأمل في تأمينها من الخليج".

أموال الخليج 

إديز قال إنه "مع ذلك، يبدو أن جهود أردوغان لإصلاح العلاقات مع السعودية والإمارات تؤتي ثمارها، إذ استقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الرياض أردوغان بحرارة، ووافقت المملكة، من بين أمور أخرى، على شراء طائرات بدون طيار تركية فيما وصف بأنه أكبر عقد دفاعي في تاريخ تركيا".

وأضاف أنه "في أبو ظبي، المحطة الأخيرة في جولة أردوغان الخليجية، وقَّعت الأطراف المنفصلة سابقا صفقات بقيمة 50 مليار دولار، تتراوح من صناعة الدفاع إلى مشاريع إعادة الإعمار في المناطق التي دمرتها الزلازل التركية".

وقال السفير التركي المتقاعد ميثات ريندي إن "هذه الدول سعيدة برؤية تركيا ذات الغالبية السنية والقوية عسكريا مع إمكاناتها التجارية الهائلة وأصولها المربحة، ودول الخليج تعيد تومضعها أيضا بعد أن أجبرتها كارثة (حرب) اليمن (التي بدأت قبل نحو 9 سنوات) على التحول من القوة الصارمة إلى الدبلوماسية الاقتصادية".

وقال إديز إن "أنقرة أيضا في طريقها لتحسين العلاقات مع القاهرة، بعد تطبيع العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل مؤخرا، ويقال إن العمل جار لزيارة دولة يقوم بها (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي إلى تركيا، كما قد يجتمع أردوغان و(رئيس النظام السوري بشار) الأسد، رغم أن ذلك سيستغرق وقتا بسبب الخلافات حول إعادة اللاجئين (السوريين من تركيا) ووجود الجيش التركي في شمالي سوريا".

ورقة مساومة

من ناحية أخرى، كما أضاف إديز، "تبدو الجهود التركية لتطبيع العلاقات بشكل كامل مع الولايات المتحدة وأوروبا أكثر صعوبة".

وتابع: "على الجانب الإيجابي، يبدو أن آفاق أنقرة للحصول على مقاتلات "إف-16" (F-16) التي تشتد الحاجة إليها من الولايات المتحدة قد تحسنت بعد قرار أنقرة بشأن عضوية السويد في الناتو، كما حصلت تركيا على وعود من الناتو والسويد بشأن التعاون في مكافحة الإرهاب".

وزاد بأنه "يجب أن يوافق البرلمان التركي على عضوية السويد في الناتو قبل أن تصبح رسمية، والنواب الأتراك غير متأكدين مما إذا كان الكونجرس الأمريكي سيصادق على بيع طائرات F-16 لتركيا".

وأردف أنه "قبل قمة الناتو (الأخيرة في فيلنيوس عاصمة ليتوانيا يومي 11 و12 يوليو/ تموز الجاري)، دعا أردوغان أوروبا إلى فتح مسار تركيا للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، لكن لم ينجح ذلك كورقة مساومة على عضوية السويد في الناتو، إلا أن أردوغان نجح في إحياء الجدل بشأن عضوية الاتحاد".

ومضى قائلا إنه "من الواضح أن أردوغان يحتاج إلى علاقات أفضل مع الغرب لجذب رأس المال الذي تشتد الحاجة إليه، وتظل أوروبا الشريك التجاري الأكبر لتركيا، لكن بالنظر إلى سجل أردوغان السابق، فإن الكثيرين يشككون في صدق تواصله مع الاتحاد الأوروبي".

ولا يتوقع السفير المتقاعد سليم كونيرالب من أردوغان إدخال الإصلاحات اللازمة لتطبيع العلاقات بشكل كامل مع الاتحاد الأوروبي، إذ قال إن  "أردوغان يعلم أن رفع المعايير المتعلقة بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان وما إلى ذلك إلى مستويات الاتحاد الأوروبي من شأنه أن يقوض حكمه السياسي".

كما يجادل محللون اقتصاديون بأن الوضع الحالي لسيادة القانون في تركيا سيستمر في تثبيط عزيمة المستثمرين الغربيين، بحسب أديز.

التعليقات (0)