إيران و"حزب الله" يُصعّدان: إسرائيل بحاجة إلى أعصاب قوية واستعداد دائم

profile
  • clock 28 مايو 2023, 4:26:58 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تدل التحذيرات والتهديدات التي أطلقها كبار مسؤولي جهاز الأمن في مؤتمر هرتسيليا، الذي انعقد، الأسبوع الماضي، عن التخوف من مواجهة بل حرب شاملة مع إيران و"حزب الله"، على أنه حان موسم المؤتمرات الاستراتيجية التي تعقدها كل سنة معاهد البحوث المختلفة العاملة في إسرائيل.
يقف مسؤولو جهاز الأمن في هذه المؤتمرات كالجنود المنضبطين، ورفعاً للعتب يصدرون تصريحات تلقى بشكل طبيعي صدى إعلاميا واسعا. تطرح الأسئلة: هل تغير شيء ما أيضا في الميدان نفسه وهل بالفعل ازداد خطر الحرب؟
كما يذكر، في المؤتمر أعلن رئيس الأركان، الفريق هرتسي هليفي، أن إيران تقدمت في تخصيب اليورانيوم. ومع أن طهران لم تتخذ بعد قراراً بإنتاج قنبلة نووية فإن تطورات سلبية في منطقتنا من شأنها أن تؤدي إلى قرار كهذا وعلى أي حال تلزم إسرائيل بالعمل. حذر رئيس شعبة الاستخبارات "أمان"، اللواء اهرون حليوة، من جهته من أن أمين عام "حزب الله"، حسن نصر الله، قريب من ارتكاب خطأ سيدهور المنطقة إلى حرب، ومع أن نصر الله لا يزال مردوعا وغير معني بالمواجهة ففي غروره الكثير، فهو مقتنع بأنه يقرأ إسرائيل كما يقرأ كف يده، ولهذا هو يتجرأ على أن يتحداها مثلما لم يتجرأ في الماضي.
في رد على التصريحات التي انطلقت في إسرائيل، سارع مسؤول إيراني كبير ليهدد بأن ضرب المنشآت النووية الإيرانية سيشعل حربا شاملة ستتحمل إسرائيل المسؤولية عنها، أما تنظيم "حزب الله"، تحت العيون المغمضة للقوة الدولية عديمة المنفعة، فإنه أجرى في جنوب لبنان مناورة عسكرية تشبه اختطاف جنود واعتداء على بلدات إسرائيلية على طول خط الحدود. غير أن كل هذا لا يبشر بعد بحرب قريبة.
حدد رئيس الأركان ورئيس "أمان"، عن حق، إيران بأنها التهديد المركزي الذي تقف أمامه إسرائيل. لكن هذا التهديد ليس جديدا، ومن غير المتوقع أيضا حسم أو انعطافة دراماتيكية فيه في الزمن القريب القادم. فقد حقق الإيرانيون عمليا ما أرادوه؛ أصبحوا دولة عتبة نووية، وتوجد تحت تصرفهم قدرات ومعرفة تسمح لهم باقتحام النووي في غضون وقت قصير من لحظة اتخاذ القرار في طهران.
أمام واقع كهذا من شأنه أن يتواصل على مدى أشهر بل سنين، ومن المطلوب من إسرائيل أعصاب قوية وتحفز دائم. فبعد كل شيء من الأفضل لإيران أن تبقى دولة عتبة نووية تفرض ظلا مهددا على محيطها من مواجهة جبهوية شاملة. وفي السطر الأخير، فإن التحدي الإيراني هنا، وينبغي الافتراض بأنه في الأشهر القادمة أيضا بل في السنوات القادمة، سيواصل إشغالنا.
"حزب الله"، وبقدر ما أيضا بشار الأسد، الذي استيقظ على الحياة في الأسابيع الأخيرة بعد أن عاد إلى حضن العالم العربي، هما موضوع آخر. هنا التخوف من استفزاز أو عملية "إرهاب" لـ"حزب الله" قد تؤدي إلى رد إسرائيلي يهز أركان لبنان. هذه أمور يجب أن نتذكرها ونذكرها، وبخاصة عند اقتراب يوم الذكرى السنوية لحرب لبنان الثانية، مع أن أحدا لم يرغب فيها، لا "حزب الله" ولا حكومة إسرائيل.
تستهدف التحذيرات التي يطلقها مسؤولون في إسرائيل التحذير والتنبيه، وتدل التجربة على أن نصر الله يدرك ويفهم في الغالب مثل هذه التحذيرات كتعبير عن الضعف والتخوف في الجانب الإسرائيلي، الأمر الذي يشجعه فقط على أن يبقى على حاله.
إن حرباً مع "حزب الله" ليست لعبة أطفال، وبالتأكيد لا يدور الحديث هنا عن بث معاد لعمليات الاغتيال الناجحة التي خاضتها إسرائيل ضد "الجهاد الإسلامي" في غزة. لكن في كل مواجهة مباشرة وجبهوية مع "حزب الله" في الماضي كانت يد الجيش الإسرائيلي هي العليا.
غير أنه ليس في التصريحات والتهديدات ما يكفي للانتصار في المعركة، فإذا وجدت إسرائيل نفسها مرة أخرى مع أصحاب قرار مترددين لا يعرفون كيف يحددون هدفا وغاية للمعركة، وإذا لم تعد الجبهة الداخلية كما ينبغي لمواجهة مع "حزب الله"، والتي تتعاظم على أي حال في استوديوهات وسائل الإعلام إلى حجوم وحشية، فإننا لا نكون فعلنا شيئا.
والأهم من كل شيء، يجدر بنا أن نتخلى منذ البداية عن جولة مواجهة غايتها هي تمديد الزمن حتى جولة المواجهة التالية بعدها. وكما قال في حينه مناحم بيغن: النصر الأكبر الذي يمكن تحقيقه في الحرب هو منعها.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)